للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ترد طَهَارَة المنى وَاللَّبن والمسك لِأَن أَصْلهَا لَا يحكم عَلَيْهِ بِالنَّجَاسَةِ مَا دَامَ فِي الْجوف مَا لم يتَّصل بِخَارِج وَقَول النَّاظِم أَن يدبغ بدرج الْهمزَة للوزن وَلما انهى الْكَلَام على نجس الْعين ذكر الْمُتَنَجس وَهُوَ على ثَلَاثَة أَقسَام إِمَّا نَجَاسَة مُغَلّظَة أَو متوسطة أَو مخففه وَبَدَأَ بِالْأولَى فَقَالَ (نَجَاسَة الْخِنْزِير مثل) نَجَاسَة (الْكَلْب تغسل سبعا مرّة بترب) ممزوج بِمَاء لخَبر مُسلم (طهُور إِنَاء أحدكُم إِذا ولغَ فِيهِ الْكَلْب أَن يغسلهُ سبع مَرَّات أولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ) وَفِي رِوَايَة صَحِيحَة لِلتِّرْمِذِي أولَاهُنَّ أَو أخراهن بِالتُّرَابِ وَفِي أُخْرَى لمُسلم وعفروه الثَّامِنَة بِالتُّرَابِ وَالْمرَاد أَن التُّرَاب يمزج بالسابعة كَمَا فِي رِوَايَة أأبي دَاوُد (السَّابِعَة بِالتُّرَابِ) وهى مُعَارضَة لرِوَايَة أولَاهُنَّ فِي مَحل التُّرَاب فيتساقطان فِي تعْيين مَحَله ويكتفى بِوُجُودِهِ فِي وَاحِدَة من السَّبع كَمَا فِي رِوَايَة الدارقطنى إحدا هن بالبطحاء وَلكنه يسن فِي غير الْأَخِيرَة وَالْأولَى أولى ليستغنى عَن تتريب مَا يُصِيبهُ شَيْء من الغسلات وَقيس بالكلب الْخِنْزِير وفروعهما كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله مثل الْكَلْب وبولوغه غَيره كبوله وعرقه وَلَو جرى المَاء الكدر على الْمُتَنَجس بذلك سبع جريات أَو تحرّك سبعا فِي مَاء كثير كدر طهر كَمَا قَالَه الْبَغَوِيّ وَغَيره وَأفهم كَلَام المُصَنّف الاكتغاء بالسبع وَإِن أَصَابَهُ نجس آخر وَأَنه لَا يكفى ذَر التُّرَاب على الْمحل وَلَا مزجه بِغَيْر مَاء إِلَّا أَن يمزجه بِالْمَاءِ بعد مزجه بذلك وَلَا مزج غير التُّرَاب وَأَنه لَا تقوم ثامنه أَو غَيرهَا مقَام التُّرَاب وَهُوَ كَذَلِك وَلَا يكفى مزج تُرَاب غير طَاهِر إِلَى نظرا إِلَى أَن الْقَصْد بِالتُّرَابِ التَّطْهِير وَهُوَ لَا يحصل بذلك فتشترط طهورية التُّرَاب فَلَا يكفى التُّرَاب الْمُسْتَعْمل كَمَا صرح بِهِ الْكَمَال سلار شيخ النَّوَوِيّ أى وَإِن غسل سبعا والغسلات المزيلة للعين تعد وَاحِدَة وَلَو فِي النَّجَاسَة الْمُغَلَّظَة حَتَّى لَو لم تزل إِلَّا بست غسلات مثلا حسبت مرّة وتكفى السَّبع وَإِن تعدد الولوغ أَو الوالغ فأل فِي كَلَامه للْجِنْس وَالْوَاجِب من التُّرَاب مَا يكدر المَاء ويصل بواسطته إِلَى جَمِيع أَجزَاء الْمحل سَوَاء أمزجه بِهِ قبل وضعهما على الْمحل أم بعده بِأَن يوضعا وَلَو مترتبين ثمَّ يمزجا قبل الْغسْل وَإِن كَانَ الْمحل رطبا إِذا الطّهُور الْوَارِد على الْمحل بَاقٍ على طهوريته وَبِذَلِك جزم ابْن الرّفْعَة فِيمَا لَو وضع التُّرَاب أَولا وَمثله عَكسه بِلَا ريب وَهَذَا مُقْتَضى كَلَامهم وَهُوَ الْمُعْتَمد كَمَا قَالَه البلقينى وَغَيره وَمَا وَقع للأسنوى وَمن تبعه من أَنه يجب المزج قبل الْوَضع كَمَا صرح بِهِ الجوينى فِي التَّبْصِرَة وَأَن مَا قَالَه ابْن الرّفْعَة مَرْدُود بِأَنَّهُ خلاف مُقْتَضى كَلَامهم فَلَا يرتكب بِلَا ضَرُورَة وَكَلَام الْجُوَيْنِيّ عَلَيْهِ لاله إِذْ عِبَارَته لَيْسَ كَيْفيَّة التعفير تعفير الثَّوْب بغبار التُّرَاب ثمَّ غسله بعد نفضه وَإِنَّمَا التعفير أَن يخلط التُّرَاب بِالْمَاءِ خلطا ثمَّ يغسل الْمحل وهى دَالَّة على أَن الْمَمْنُوع إِنَّمَا هُوَ غسله بعد نفض التُّرَاب أَو بِلَا مزج وَأَن الْمُعْتَبر مزجه قبل الْغسْل سَوَاء أَكَانَ قبل الْوَضع أم بعده وَهُوَ الْمَطْلُوب وَلَيْسَ فِي قَوْله ثمَّ يغسل مَا يقتضى اعْتِبَار مزجه قبل الْوَضع انْتهى وَلَا يجب تتريب الأَرْض الترابية ويكفى تسبيعها إِذْ لَا معنى لتتريب التُّرَاب نعم لَو تطاير شىء من غسلاتها فَلَا بُد من تتريبه أخذا من قَاعِدَة أَن كل نَجَاسَة مُغَلّظَة لَا بُد فِي طهرهَا إِلَّا الأَرْض الترابية وَالِاسْتِثْنَاء معيار الْعُمُوم كماأفنى بِهِ الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى وَاسْتقر رايه عَلَيْهِ آخرا وَلَو ولغَ كلب فِي أناء فِيهِ مَاء كثير لم ينقص بُلُوغه لم ينجس المَاء وَلَا الْإِنَاء وَإِن أصَاب جرمه المستور بِالْمَاءِ وَتَكون كَثْرَة المَاء مَانِعَة من تنجسه بِخِلَاف مَا لَو كَانَ بِهِ مَاء قَلِيل فَإِنَّهُ ينجس المَاء والإناء فَإِن كوثر فَبلغ قُلَّتَيْنِ طهر المَاء لَا الْإِنَاء والترب إِحْدَى لُغَات التُّرَاب ثمَّ ذكر النَّجَاسَة المتوسطة وَهِي غَالب النَّجَاسَات فَقَالَ (وَمَا سوى ذين ٩ أى نَجَاسَة الْكَلْب وَالْخِنْزِير وفرعهما (ففردا) أى مرّة (يغسل) بِالْمَاءِ ثمَّ النَّجَاسَة إِمَّا حكمِيَّة وهى الَّتِى يتقين وجودهَا وَلَا تحس أَو عَيْنِيَّة وهى مَا تحس فَالْأولى يكفى فِيهَا جرى المَاء على الْمحل مرّة وَاحِدَة من غير اشْتِرَاط أَمر زَائِد وَالثَّانيَِة يجب فِيهَا مَعَ جرى المَاء زَوَال عينهَا وَزَوَال أوصافها من طعم ولون وريح فَلَا تطهر مَعَ بَقَاء شىء مِنْهَا وَلَا يضر بَقَاء لون أَو ريح عسر زوالة للْمَشَقَّة وَلَو من مغلطة فَإِن

<<  <   >  >>