بِمَا دَخَلْتُم النَّار فوا الله مَا دَخَلنَا الْجنَّة إِلَّا بِمَا تعلمنا مِنْكُم فَيَقُولُونَ إِنَّا كُنَّا نقُول وَلَا نَفْعل رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة عَالم لم يَنْفَعهُ علمه رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير وَالْبَيْهَقِيّ وَالْأَحَادِيث فِي وعيده كَثِيرَة وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء ويل لمن لَا يعلم مرّة وويل لمن يعلم سبع مَرَّات وَقيل لِابْنِ عُيَيْنَة أَي النَّاس أطول ندامة قَالَ أما فِي الدُّنْيَا فصانع الْمَعْرُوف إِلَى من لَا يشكره وَأما عِنْد الْمَوْت وَبعده فعالم مفرط وَالله أَرْجُو أَي أُؤَمِّل الْمَنّ أَي الإنعام بالإخلاص لكَي يكون مُوجب الْخَلَاص وَالْإِخْلَاص فِي الطَّاعَة ترك الرِّيَاء فِيهَا وَهُوَ سَبَب الْخَلَاص من أهوال يَوْم الْقِيَامَة لما رُوِيَ عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ من فَارق الدُّنْيَا على الْإِخْلَاص لله وَحده لَا شريك لَهُ وَأقَام الصَّلَاة وَآتى الزَّكَاة فَارقهَا وَالله عَنهُ رَاض رَوَاهُ ابْن ماجة وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَعَن ثَوْبَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عيه وَسلم يَقُول طُوبَى للمخلصين أُولَئِكَ مصابيح الْهدى تنجلي عَنْهُم كل فتْنَة ظلماء رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَالْأَحَادِيث فِي فضل الاخلاص كَثِيرَة مُقَدّمَة بِكَسْر الدَّال كمقدمة الْجَيْش للْجَمَاعَة الْمُتَقَدّمَة مِنْهُ من قدم اللَّازِم بِمَعْنى تقدم وَبِفَتْحِهَا على قلَّة كمقدمة الرجل فِي لُغَة من قدم الْمُتَعَدِّي فِي علم الْأُصُول أَي أصُول الدّين وَالْفِقْه فَإِنَّهُ ذكر فِيهَا شَيْئا من كل مِنْهُمَا أول وَاجِب مَقْصُود لذاته على الْإِنْسَان الْبَالِغ الْعَاقِل وَلَو أُنْثَى وَلَو رَقِيقا معرفَة الْإِلَه تَعَالَى باستيقان أَي يَقِينا لقَوْله تَعَالَى {فَاعْلَم أَنه لَا إِلَه إِلَّا الله} {وليعلموا أَنما هُوَ إِلَه وَاحِد} وَلِأَنَّهَا مبْنى سَائِر الْوَاجِبَات إِذْ لَا يَصح بِدُونِهَا وَاجِب وَلَا مَنْدُوب وَالْمرَاد بهَا معرفَة وجوده تَعَالَى وَمَا يجب لَهُ من إِثْبَات أُمُور وَنفي أُمُور وَهِي الْمعرفَة الإيمانية أَو البرهانية لَا الْإِدْرَاك والإحاطة بكنه الْحَقِيقَة لامتناعه شرعا وعقلا وَالْيَقِين حكم الذِّهْن الْجَازِم المطابق لموجب وَمَا ذكره من أَن ذَلِك أول وَاجِب هُوَ الْأَصَح من بضعَة عشر قولا والنطق بِالشَّهَادَتَيْنِ اعتبرا أَي أَن النُّطْق بِالشَّهَادَتَيْنِ مُعْتَبر لصِحَّة الْإِيمَان لِلْخُرُوجِ من عَهده التَّكْلِيف بِهِ مِمَّن قدرا أَي من الْقَادِر عَلَيْهِ إِن صدق الْقلب إِذْ الْإِيمَان تَصْدِيق الْقلب بِمَا علم ضَرُورَة مَجِيء الرَّسُول بِهِ من عِنْد الله كالتوحيد والنبوة والبعث وَالْجَزَاء وافتراض الصَّلَوَات الْخمس وَالزَّكَاة وَالصَّوْم وَالْحج وَالْمرَاد بِتَصْدِيق الْقلب إذعانه وقبوله وَلما كَانَ تَصْدِيق الْقلب أمرا بَاطِنا لَا اطلَاع لنا عَلَيْهِ جعله الشَّارِع مَنُوطًا بِالشَّهَادَتَيْنِ وَهل النُّطْق بِالشَّهَادَتَيْنِ شَرط لإجراء أَحْكَام الْمُؤمنِينَ فِي الدُّنْيَا من الصَّلَاة عَلَيْهِ والتوارث والمناكحة وَغَيرهَا دَاخل فِي مُسَمّى الْإِيمَان أَو جُزْء مِنْهُ دَاخل فِي مُسَمَّاهُ قَولَانِ ذهب جُمْهُور الْمُحَقِّقين إِلَى أَولهمَا وَعَلِيهِ من صدق بِقَلْبِه وَلم يقر بِلِسَانِهِ مَعَ تمكنه من الْإِقْرَار فَهُوَ مُؤمن عِنْد الله وَهَذَا أوفق باللغة وَالْعرْف وَذهب كثير من الْفُقَهَاء إِلَى ثَانِيهمَا وألزمهم الْأَولونَ بِأَن من صدق بِقَلْبِه فاخترمته الْمنية قبل اتساع وَقت الْإِقْرَار بِلِسَانِهِ يكون كَافِرًا وَهُوَ خلاف الْإِجْمَاع على مَا نَقله الرَّازِيّ وَغَيره لَكِن يُعَارض دَعْوَاهُ قَول الشِّفَاء الصَّحِيح أَنه مُؤمن مستوجب للجنة حَيْثُ أثبت فِيهِ خلافًا وَخرج بقوله مِمَّن قدرا الْعَاجِز لخرس أَو سكتة أَو إخترام منية قبل التَّمَكُّن مِنْهُ فَيصح إيمَانه وَأما الْإِسْلَام فَهُوَ أَعمال الْجَوَارِح من الطَّاعَات كالتلفظ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَالصَّلَاة وَالزَّكَاة وَغير ذَلِك لَكِن لَا تعْتَبر الْأَعْمَال الْمَذْكُورَة فِي الْخُرُوج عَن عُهْدَة التَّكْلِيف بِالْإِسْلَامِ إِلَّا مَعَ الْإِيمَان الَّذِي هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute