وَهُوَ مَذْهَب عَمْرو بن مرّة وَقد ذهبت إِلَيْهِ أنَاس بأطراف الثغور فَلم يَأْخُذُوا مِنْهَا شَيْئا لَا من حلالها وَلَا من حرامها وَلَا من شبهاتها إِلَّا خرقا تستر الْعَوْرَة وفلقا تسد الجوعة
ثمَّ تَفَرَّقت بهم الطّرق للآخرة فِي اخْتِيَار المآكل والملابس
فَذَهَبت طَائِفَة إِلَى الرُّخْصَة وَرَأَتْ طَرِيق الْفقر والتقلل فِيمَا لم يكن حَرَامًا إِمَّا نصا فِي التَّنْزِيل وَإِمَّا ثَابتا فِي سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو إِجْمَاع الْمُسلمين وصاروا إِلَى الرُّخْصَة فِيهِ
واختارت طَائِفَة من الْقُرَّاء والمتصوفة التقلل من كد الْيَد وعرق الجبين وَالسَّعْي فِي طلب الْأَسْبَاب ليأخذوا الكسرة واجتهدوا فِي طلب ذَلِك مَعَ أهل الثغور خوفًا أَن يَكُونُوا من أعوان الظَّالِمين
وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بآيَات من التَّنْزِيل مِنْهَا قَوْله عز وَجل {وَلَا تعاونوا على الْإِثْم والعدوان}
وأخبار الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فَمن أعانهم وَصدقهمْ فلست مِنْهُ وَلم يرد على الْحَوْض)
وَذَهَبت طَائِفَة من أهل الْفِقْه إِلَى أَنه لَا بَأْس بمعاونتهم إِذا لم يكن ظلما بِعَيْنِه وَذَلِكَ أَنهم تأولوا الحَدِيث على معنى من أعانهم على ظلمهم فَمن لم يُعِنْهُمْ على الظُّلم وَأَعَانَهُمْ على سوى ذَلِك فَهُوَ مُطلق حَلَال عِنْدهم