التَّابِعين وَلم يكن ذَلِك إِلَّا لعلمهم بأحوال الدّين وَأَتْبَاع مَا ورثوا من سيد الْمُرْسلين من علم الْكتاب وَالسّنة وآثار الصَّحَابَة الطاهرين وجدهم فِي الشّعْر شكّ عَمَّا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الْقيَاس لحفظهم عَمَّا يُوجب الْجرْح والالتباس وفرط تحرزهم عَن تَغْيِير مَا وجدوه من الْحق وَعَن إِلْحَاق غير الْحق بِالْحَقِّ وَكَانَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله إِمَامًا صَادِقا وفقيها فائقا عَالما بِالْكتاب وَالسّنة سالكا محجة أهل السّنة مُتبعا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا أَمر وَسنة ذَا أَصْحَاب عُلَمَاء أنقياء لَا من أهل الْبدع وَلَا من أهل الْأَهْوَاء مجتهدين بذلوا وسعهم فِي تَحْقِيق الْحق فِيمَا عزلهم من المسالك جلّ أَو دق وَمن شهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بخيره أولى بالتقليد من مُجْتَهد غَيره انْتهى
ش: فَإِن هَذَا الإستدلال غير صَحِيح لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الْقُرُون فِي الْجُمْلَة وَقد يكون فِي التَّفْضِيل من غَيره أفضل مِنْهُ كالحجاج فَلَا يَصح الِاسْتِدْلَال على تَفْضِيل فَرد مِنْهُم على من بعده بِكَوْنِهِ مِنْهُم وَإِنَّمَا يرجح بِالسَّبقِ إِلَى الْإِصَابَة مَعَ التَّسَاوِي فِي الزَّمَان كَمَا يرجح أول من أسلم على من تَأَخّر إِسْلَامه لَا بِالسَّبقِ فِي الْوُجُود قَالَ الله تَعَالَى {إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم} الحجرات ١٣ وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مثل أمتِي كَمثل الْمَطَر لَا يدْرِي آخِره خير أم أَوله) أخرجه التِّرْمِذِيّ وَلما كَانَ هَذَا الِاسْتِدْلَال صَحِيحا فَهُوَ مُشْتَرك بَين الْحَنَفِيَّة والمالكية فقد تقدم أَن مَالِكًا عاصر أَبَا حنيفَة رَحمَه الله سبعا وَخمسين سنة وَلم يثبت أَن أَحدهمَا تأهل للِاجْتِهَاد قبل صَاحبه وكل مِنْهُمَا من الْقُرُون المفضلة