وَلَيْسَ الصَّوَاب وَقفا على أحدهم بِعَيْنِه وَالْخَطَأ وَقفا على البَاقِينَ وَمن اعْتقد هَذَا فَليُرَاجع عقله فان هَذِه غَفلَة عَظِيمَة وَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك فَمَا من إِمَام إِلَّا وَقد فَاتَهُ الصَّوَاب وَلَو فِي مَسْأَلَة لِأَنَّهُ غير مَعْصُوم وَمَا يُؤمن من قَلّدهُ فِي مَسْأَلَة قد خَالفه فِيهَا غَيره فَحكم بهَا وَأفْتى أَن تكون تِلْكَ الْمَسْأَلَة هِيَ الَّتِي أَخطَأ فِيهَا إِمَامه فَعَلَيهِ أَن يعرضهَا على الدَّلِيل وَلَا يقْتَصر على مَا قَالَه أَصْحَابه فِي الْكَلَام عَلَيْهَا لاحْتِمَال أَن يكون عِنْد من خَالفه من الدَّلِيل مَا لَيْسَ عِنْدهم لأَنا قد أمرنَا أَن نرد مَا تنازعنا فِيهِ إِلَى الله وَالرَّسُول والإخلال بِهَذَا الْوَاجِب هُوَ الَّذِي أوجب الِافْتِرَاق المذموم
وَهَذِه كَانَت طَريقَة الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وتابعيهم أهل الْقُرُون الثَّلَاثَة المفضلة أَعنِي رد الْمُتَنَازع فِيهِ إِلَى الله وَالرَّسُول وَلم يكن فيهم من يَأْخُذ يَقُول وَاحِد معِين مِنْهُم دون غَيره غير ر سَوَّلَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي طَريقَة التَّابِعين لَهُم بِإِحْسَان إِلَى يَوْم الدّين
قَالَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الْقُرْآن {أم حسبتم أَن تتركوا وَلما يعلم الله الَّذين جاهدوا مِنْكُم وَلم يتخذوا من دون الله وَلَا رَسُوله وَلَا الْمُؤمنِينَ وليجة} التَّوْبَة ١٦ وَلَا وليجة أعظم مِمَّن جعل رجلا بِعَيْنِه مُخْتَارًا على كَلَام الله وَكَلَام رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَلَام سَائِر الْأمة يقدمهُ على ذَلِك كُله ويعرض كتاب الله وَسنة رَسُوله وَإِجْمَاع الْأمة على قَوْله فَمَا وَافقه مِنْهَا قبله لموافقته لقَوْله وَمَا خَالفه مِنْهَا تلطف فِي رده وتطلب لَهُ وُجُوه الْحِيَل
وَقد ذمّ الله تَعَالَى أهل الْكتاب على هَذَا الْوَصْف فَقَالَ {اتَّخذُوا أَحْبَارهم وَرُهْبَانهمْ أَرْبَابًا من دون الله والمسيح ابْن مَرْيَم} التَّوْبَة ٣١
روى عَن حُذَيْفَة رَحمَه الله وَغَيره أَنه قَالَ لم يعبدوهم من دون الله وَلَكنهُمْ