للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَاعْلَم أَن أهم مَا يعرفهُ المجادل والمناظر وَمَا يُوصي بِهِ قبل خوضه فِي المناظرة مَعَ الْأَحْيَاء أَو مَعَ نظره فِي كَلَام الْأَمْوَات من الْعلمَاء هُوَ تقوى الله عز وَجل وإشعار النَّفس الْخَوْف ومجاهدتها على قبُول الْحق من أَي مُتَكَلم عَظِيم أَو حقير صَغِير أَو كَبِير وَأَن لَا ينحاز إِلَى مَرْكَز من مراكز الْمذَاهب فيناضل عَنهُ ويجاهد دونه بل لَا يكون همه إِلَّا معرفَة الْحق وقبوله وَلَا يأنف من رد كَلَامه وتضعيفه وَلَا يقْصد مباهة وَلَا مفاخرة وَلَا رِيَاء وَلَا سمعة وَإِن يكون مُقبلا على الْغَيْر متواضعا متأملا لما يلقيه وَأَن يلقِي سَمعه حَتَّى يفرغ من كَلَامه وَلَا يجاذبه أَطْرَاف الْبَحْث قبل فَرَاغه ثمَّ يتَوَقَّف فِي الْجَواب وإبانة الصَّوَاب بأقصر عبارَة وأوضحها وألطفها فَإِن الرِّفْق مَا كَانَ فِي شَيْء إِلَّا زانه وَالْفُحْش مَا كَانَ فِي شَيْء إِلَّا شانه فَمن اسْتعْمل فِي المناظرة هَذِه الْآدَاب لَا معترض ومجيب وفْق للإصابة وفاز بِالْإِثَابَةِ وَدخل تَحت الامر بمشروعية الْجِدَال الدَّال عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وجادلهم بِالَّتِي هِيَ أحسن} {وَلَا تجادلوا أهل الْكتاب إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن} فِي الْمسَائِل العلمية والمناظرة هَذَا وَلما ذكر الأصوليون أنواعا من الِاسْتِدْلَال خَارِجَة عَمَّا تقدم أَشَارَ إِلَيْهَا قَوْلنَا ... فصل وَقد زيد دَلِيل خَامِس ... لَيْسَ لَهُ فِيمَا مضى مجانس ...

قد عرفت أَنه قد سلف أَرْبَعَة أَدِلَّة الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَالْقِيَاس وَزَاد أَكثر الْعلمَاء دَلِيلا عَلَيْهَا خَامِسًا وَسَماهُ الِاسْتِدْلَال كَمَا قَالَ ... وَهُوَ بالاستدلال فِي الْعرف اشْتهر ...

الِاسْتِدْلَال لُغَة طلب الدَّلِيل أَو اتِّخَاذه دَلِيلا كاستأجر يَعْنِي اتخذ أَجِيرا وَفِي الِاصْطِلَاح يُطلق على إِقَامَة الدَّلِيل مُطلقًا أَي سَوَاء كَانَ نصا أَو إِجْمَاعًا أَو غَيرهمَا وعَلى نوع خَاص مِنْهُ وَهُوَ المُرَاد فِي الْمقَال وَلذَا قَالَ لَيْسَ لَهُ

<<  <   >  >>