للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَّا من جِهَة الشَّرْع اتِّفَاقًا وَإِلَّا لما احْتِيجَ إِلَى رَسُول الله ولخالف قَوْله تَعَالَى {لِئَلَّا يكون للنَّاس على الله حجَّة بعد الرُّسُل} نعم نَهْيه تَعَالَى عَن الظُّلم لقبحه عقلا وَأمره بِالْعَدْلِ لحسنه عقلا وَلذَا قُلْنَا إِن التَّحْرِيم مثلا مُلْزم للقبيح عقلا لَكِن لما خلطوا مَحل النزاع وقلدوا فِي نَقله من كتب خصومهم جروا فِي التَّفْرِيع عَلَيْهِ وَهُوَ تَفْرِيع على تَخْلِيط

وَاعْلَم أَن هَذَا التَّحْقِيق لَا تَجدهُ فِي كتاب على هَذَا التدريج وَالْبَيَان لِأَن تَخْلِيط الْبَحْث قديم وَمَشى عقبه كل مُحَقّق فيهم بِسَبَب تَقْلِيد الْخُصُوم وإحسان الظَّن بهم وَأَنَّهُمْ لَا ينقلون عَن خصومهم إِلَّا حَقًا وَهَذَا شَيْء لَا أصل لَهُ وَلَا يَنْبَغِي لناظر لنَفسِهِ ومتأهب لحلول رمسه أَن يُقَلّد الْخُصُوم فِي النَّقْل عَن خصومهم فكم رَأينَا من تَخْلِيط فِي الدَّعْوَى وَالِاسْتِدْلَال وَلذَا حرم الله قبُول شَهَادَة الْخصم على خَصمه وَنقل الْمذَاهب والإخبار عَنْهَا وَعَن أدلتها شهدة قَالَ الله تَعَالَى فِي الَّذين قَالُوا إِن الْمَلَائِكَة إِنَاثًا سنكتب شَهَادَتهم ويسألون لما قَالَ {وَجعلُوا الْمَلَائِكَة الَّذين هم عباد الرَّحْمَن إِنَاثًا} وَإِنَّمَا أخبروا بذلك فَكل خبر شَهَادَة

وَلَقَد طَال الْكَلَام إِلَّا من عرف الْمَسْأَلَة فِي كتب الْأُصُولِيِّينَ لَا يرَاهُ طَويلا بل يرَاهُ قد أحيى من الْحق قولا كَانَ قَتِيلا

وَإِذا عرفت هَذَا فَهَذَا الحكم من الْعقل هُوَ عدم الحكم شرعا وَهُوَ الْبَرَاءَة الْأَصْلِيَّة وَهُوَ الِاسْتِصْحَاب الْعقلِيّ ثمَّ نَشأ عَن هَذَا الِاخْتِلَاف اخْتِلَاف فِي حكم الْعقل قبل وُرُود الشَّرْع فِيمَا لَا يقْضِي فِيهِ الْعقل بمدح ولازم وَهُوَ الْمُسَمّى بالمباح لُغَة لَا شرعا إِلَى ثَلَاثَة أَقْوَال الأول مَا أسلفناه من أَنه لَا حكم لَهُ فِيهِ بل هُوَ مُبَاح وَالثَّانِي وَالثَّالِث أَشَرنَا إِلَيْهِ بقولنَا

وَقيل بالحظر أَو الْوَقْف لنا

إِنَّا علمنَا حسنه كعلمنا ... بِحسن الانصاف وقبح الظُّلم

هَذَا الَّذِي قَرَّرَهُ ذَوي الْعلم

قد عرفت ان الْمَسْأَلَة مَفْرُوضَة على انْفِرَاد الْعقل من الشَّرْع والحظر الشَّرْعِيّ الَّذِي من لَازمه الْعقَاب الأخروي لَا يعرف إِلَّا من الشَّرْع فَلَا بُد أَن

<<  <   >  >>