للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَهُ وَأَنه لَو صَحَّ لما كَانَ دلَالَة الْإِشَارَة فِي شَيْء وَإِنَّمَا أَتَى بِهِ النَّاظِم مُتَابعَة لأهل الْأُصُول نعم الْأَمْثِلَة من الْقُرْآن كَثِيرَة فِي ذَلِك مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {أحل لكم لَيْلَة الصّيام الرَّفَث إِلَى نِسَائِكُم} فَإِن دلَالَة الْإِشَارَة فِيهَا فِي موضِعين الأول قَوْله {لَيْلَة الصّيام} فَإِنَّهُ دَال على صِحَة صَوْم من أصبح جنبا للزومه الْمَقْصُود من حل جماعهن بِاللَّيْلِ الصَّادِق على آخر جُزْء مِنْهُ وَالثَّانِي من قَوْله {فَالْآن باشروهن} إِلَى آخر الْآيَة فَإِنَّهُ دَال على أَن إِبَاحَة الْمُبَاشرَة ممتدة إِلَى طُلُوع الْفجْر فَيلْزم مِنْهُ جَوَاز الإصباح جنبا

وَاعْلَم أَن جعلهم اللَّازِم فِي دلَالَة الْإِشَارَة غير مَقْصُود للمتكلم مَحل نظر وَكَيف يحكم على شَيْء يُؤْخَذ من كَلَام الله أَنه لم يَقْصِدهُ تَعَالَى وَتثبت بِهِ أَحْكَام شَرْعِيَّة وَمن أَيْن الِاطِّلَاع على مَقَاصِد علام الغيوب فَإِن أَرَادوا قِيَاس كَلَامه على كَلَام الْعباد فَإِنَّهُ قد يسْتَلْزم كَلَامهم مَا لَا يريدونه وَلَا يقصدونه وَلَا يخْطر لَهُم ببال وَلذَا جزم الْمُحَقِّقُونَ بِأَن لَازم الْمَذْهَب لَيْسَ بِمذهب لِأَنَّهُ لَا يقطع بِأَنَّهُ قَصده قَائِله بل لَا نظن وَكَذَلِكَ التخاريج على كَلَام أَئِمَّة الْعلم لَا تكون مذهبا لمن خرجوه عَنهُ وَذَلِكَ لقُصُور الْبشر وَأَنه لَا يُحِيط علمه عِنْد نطقه بلوازم كَلَامه قطعا وَلَا يَقْصِدهُ بِخِلَاف علام الغيوب فَهُوَ يعلم بلوازم كَلَام الْعباد وَمَا تطلقه ألسنتهم وَمَا يكنه الْفُؤَاد فَكيف مَا يتكم عز وَجل بِهِ وَقد ذاكرت بعض شيوخي بِهَذَا وَمن أتوسم فِيهِ الْإِدْرَاك فَمَا وجدت مَا يشفي مَعَ هَذَا الِاتِّفَاق من أَئِمَّة الْأُصُول عَلَيْهِ وَقد كنت كتبت على الفواصل شَيْئا من هَذَا وَأَشَارَ إِلَيْهِ مؤلفها رَحمَه الله تَعَالَى

<<  <   >  >>