للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

تكلم عَن كل مِثَال من تِلْكَ الْأَمْثِلَة وَأطَال الْمقَال فِي ذَلِك بِمَا لَا تحتمله هَذِه الْإِجَابَة وَالله يهدينا إِلَى كل توفيق وإصابة

فَإِن قلت فَيجوز على كَلَامه من عدم القَوْل بِمَفْهُوم الْمُوَافقَة وَأَنه لَا نهي إِلَّا عَن الأف أَن يَقُول لِأَبَوَيْهِ هما فاجران أَو فاسقان لِأَنَّهُ إِنَّمَا نهى عَن الأف وَيجوز ضربهما وَنَحْوه

قلت من ايْنَ هَذَا الْجَواب فَإِن هَذَا أَعنِي اللَّفْظ من الْفَاجِر وَالْفَاسِق مَنْهِيّ عَنهُ فِي حق كل مُسلم نهيا متيقنا من تَحْرِيم الْأَعْرَاض كَمَا أَن الضَّرْب مَنْهِيّ عَنهُ كَذَلِك من تَحْرِيم ضرب الْمُسلم وَإِن ظهر الْمُؤمن حمى والتأفيف محرم أَيْضا بِالتَّحْرِيمِ الأَصْل إِنَّمَا نَص عَلَيْهِ الشَّارِع لِأَن الْوَلَد عِنْد بُلُوغ أَبَوَيْهِ الْكبر أَو أَحدهمَا يتضجر من طول صحبتهما وغالب أَلْفَاظ المتضجر والمتبرم من أَمر أَن يَقُول أُفٍّ لهَذَا الْأَمر كَمَا قَالَ ... وَإِذا الشَّيْخ قَالَ أُفٍّ فَمَا م ... ل حَيَاة وَلَكِن الضعْف ملا ...

فَإِن قلت هم لَا يَقُولُونَ إِن قَوْله {فَلَا تقل لَهما أُفٍّ} نهي عَن الضَّرْب وَالْقَذْف إِلَى آخر مَا هجن بِهِ عَلَيْهِ

قلت بل هم قَائِلُونَ إِن دلَالَة هَذِه الْعبارَة القرآنية على النَّهْي عَن الضَّرْب وَالْقَتْل أولى من دلالتها على التأفيف لكِنهمْ لَا يَقُولُونَ الأف مَوْضُوع لُغَة للنَّهْي عَن الضَّرْب وَالْقَتْل وَغَيرهمَا حَتَّى إِذا قَالَ الْقَائِل لَا تقل لزيد أُفٍّ أَنه نهي عَن ضربه مَأْخُوذ من صيغته بل يَقُولُونَ إِنَّه يفهم بِكَوْن الْمُتَكَلّم حكيما لَا ينْهَى عَن أدنى الأذية مَعَ الْإِذْن فِي أَعْلَاهَا بل إِذا نهى عَن أدناها أَفَادَ نَهْيه عَن أَعْلَاهَا بِقَرِينَة الْمقَام وَإنَّهُ لَو قَالَ لَا تقل لزيد أُفٍّ وَاضْرِبْهُ لعد غير مُوَافق لطريقة اللُّغَة وَالْحكمَة والكمال

وَبعد الْفَرَاغ من بَيَان الْمَفْهُوم والمنطوق أَخذنَا فِي بَيَان الْحَقِيقَة وَالْمجَاز بقولنَا

<<  <   >  >>