للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتوحيد وأدلتها عقلية يحْتَاج الْإِنْسَان إِلَى تَنْبِيه يسير لَا يقطع عمره والحوادث الطارئة فِي الْفُرُوع كَثِيرَة بِغَيْر إحصاء وَالِاجْتِهَاد فِيهَا لَا يتم إِلَّا بِأُمُور شَرْعِيَّة لَا يُمكن ضَبطهَا وَالِاسْتِدْلَال بهَا فِي الزَّمَان الطَّوِيل على مَا قدمْنَاهُ

فان قيل قد يجوز أَن يطْرَأ على صَاحب الْجُمْلَة شُبْهَة لَا يُمكنهُ حلهَا إِلَّا بِأَن يكون من المبرزين فِي الْعلم فأوجبوا عَلَيْهِ إِذن أَن يكون من المتناهين فِي الْعلم قيل إِن النّظر على سَبِيل الْجُمْلَة لَا يحدث مَعَه مثل هَذِه الشُّبْهَة إِلَّا نَادرا وَمثل ذَلِك إِذا رَجَعَ فِيهِ إِلَى تَنْبِيه الْعَالم على مَا فِي الْعقل من الْجَواب لم يسْتَغْرق الزَّمَان أما حُدُوث الْفُرُوع بالإنسان فَلَيْسَ بموقوف على أَن يكون من أهل الِاجْتِهَاد وَلَا الِاسْتِدْلَال عَلَيْهَا مَرْكَز فِي الْعُقُول

وَالدَّلِيل على أَن للعامي أَن يُقَلّد فِي مسَائِل الِاجْتِهَاد من الْفُرُوع وَفِيمَا لَيْسَ من مسَائِل الِاجْتِهَاد من الْفُرُوع هُوَ أَنا لَو ألزمناه تَمْيِيز مسَائِل الِاجْتِهَاد مِمَّا لَيْسَ من مسَائِل الِاجْتِهَاد لَكنا قد ألزمناه أَن يكون من أهل الِاجْتِهَاد لِأَنَّهُ لَا يُمَيّز ذَلِك إِلَّا أهل الِاجْتِهَاد وَفِي ذَلِك من الْفساد مَا تقدم

وَاحْتَجُّوا بِأَن مَا لَيْسَ من مسَائِل الِاجْتِهَاد الْحق فِي وَاحِد مِنْهُ فَلَا يَأْمَن الْعَاميّ إِذا قَلّدهُ فِيهِ أَن يُقَلّد فِي خلاف الْحق وَلَيْسَ كَذَلِك مسَائِل الِاجْتِهَاد لِأَن الْحق فِيهَا فِي جَمِيع الْأَقَاوِيل فأيها قَدمته فَهُوَ الْحق وَالْجَوَاب إِن تَقْلِيده فِي مسَائِل الِاجْتِهَاد أَيْضا لَا يَأْمَن مَعَه أَن يُقَلّد من لم ينصحه فِي الِاجْتِهَاد وَأَفْتَاهُ بِخِلَاف مَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَاده فان قَالُوا مصلحَة الْعَاميّ أَن يعْمل بِمَا يُفْتِي بِهِ الْمُفْتِي وَإِن غشه قيل ومصلحته أَن يعْمل بِمَا يفتيه بِهِ الْعَالم وَإِن كَانَ الْعَالم غير مُصِيب فِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي شَرَائِط الاستفتاء وَمَا يجب على المستفتي إِذا أفتاه أهل الِاجْتِهَاد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

أما شَرط الاستفتاء فَهُوَ أَن يغلب على ظن المستفتي أَن من يستفتيه من أهل الِاجْتِهَاد بِمَا يرَاهُ من انتصابه للْفَتْوَى بمشهد من أَعْيَان النَّاس وَأخذ النَّاس عَنهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>