للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَكْثَرهَا وَهِي ثَقيلَة جدا فان غلب على ظَنّه أَنَّهُمَا وَإِن كَانَا من أهل الدّين متساويان فِي الْعلم وَأَحَدهمَا أدين فَالْوَاجِب عَلَيْهِ اتِّبَاع الأدين لِأَن الثِّقَة بِهِ اقوى وَإِن تَسَاويا فِي الدّين وتفاضلا فِي الْعلم فَذكر فِي الْعمد أَن قوما جوزوا لَهُ تَقْلِيد الأنقص فِي الْعلم وَهَذَا القَوْل يسْقط عَنهُ الِاجْتِهَاد فِي أعلمهما إِذْ كَانَ لَو تبين لَهُ أعلمهما كَانَ لَهُ الْعُدُول عَنهُ وَقَالَ فِي شَرحه لَيْسَ لَهُ الْأَخْذ إِلَّا بقول الأعلم لِأَن النَّفس إِلَيْهِ أسكن وَجرى التَّفَاضُل فِي الْعلم مجْرى التَّفَاضُل فِي الدّين فَأَما إِن كَانَا عَالمين دينين وَكَانَ أدينهما أنقصهما علما يحْتَمل أَن يُقَال إنَّهُمَا سَوَاء وَالْأولَى أَن يرجح قَول الأعلم لزيادته فِيمَا يعين على الِاجْتِهَاد وَالْوُقُوف على الصَّوَاب وَمثل هَذَا النَّصْر لَا يخفى على الْعَوام لِأَنَّهُ كتدبير الدُّنْيَا فَلم يسْقط عَنْهُم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي أَنه لَيْسَ للعامي أَن يُقَلّد فِي أصُول الدّين - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

منع أَكثر الْمُتَكَلِّمين وَالْفُقَهَاء من التَّقْلِيد فِي التَّوْحِيد وَالْعدْل والنبوات واباح قوم من اصحاب الشَّافِعِي أَن يُقَلّد فِي ذَلِك وَلم يَخْتَلِفُوا فِي انه لَيْسَ لَهُ أَن يُقَلّد فِي أصُول الشَّرِيعَة كوجوب الصَّلَاة وأعداد ركعاتها

وَالدّلَالَة على الْمَنْع من ذَلِك هِيَ أَن الْمُكَلف مَأْخُوذ عَلَيْهِ الْعلم بِهَذِهِ الْأُمُور والمقلد لَيْسَ بعالم لِأَنَّهُ يجوز خطأ من يقلده وَلِأَن من أَبَاحَهُ ذَلِك وَأوجب عَلَيْهِ الْمعرفَة بأصول الدّين والشريعة فقد نَاقض لِأَن الْمعرفَة بِوُجُوب الصَّلَاة وَالصِّيَام لَا تصح إِلَّا مَعَ الْمعرفَة بِصدق من جَاءَ بهما فان قلد فِي صدقه فقد قلد فِي وجوب كل مَا أخبر بِوُجُوبِهِ وَإِن جَازَ أَن يعلم صدقه بالتقليد جَازَ أَن يعلم أصُول الشَّرِيعَة بالتقليد

<<  <  ج: ص:  >  >>