للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنهُ إِلَى الظَّن وَلقَائِل أَن يَقُول إِن الْعقل لَا يمْنَع من أَن تكون مصلحَة المتمكن من الْعلم الْعَمَل على ظَنّه فَالْأَصْل غير مُسلم وَيبْطل مَا ذَكرُوهُ بالعامي إِذا تمكن من التفقه حَتَّى يصير من أهل الِاجْتِهَاد وكل هَذِه الْوُجُوه يحِيل وُرُود التَّعَبُّد بتقليد الْمُجْتَهدين وَقد بَينا أَن الْعقل لَا يحِيل ذَلِك

وَالْوَجْه الصَّحِيح فِي الْمَسْأَلَة هُوَ أَن يُقَال إِن اجْتِهَاد الْمُجْتَهد وَعَمله بِحَسب اجْتِهَاده متعبد بِهِ لِأَنَّهُ بذلك يكون مُطيعًا لله تَعَالَى لِأَن الله تَعَالَى مَا نصب الأمارة إِلَّا وَقد أَرَادَ من الْمُجْتَهد أَن يجْتَهد فِيهَا وَلَيْسَ بعض الْمُجْتَهدين بذلك أولى من بعض وَلَيْسَ يجوز إِثْبَات بدل لهَذَا المُرَاد المتعبد بِهِ إِلَّا لدلَالَة عقليه أَو سمعية وَلَا دَلِيل يدل عَلَيْهِ فَوَجَبَ نَفْيه وَهَذَا إِنَّمَا يَصح إِذا أُجِيب عَن شبه الْمُخَالفين

وَقد احْتَجُّوا بِوُجُوه

مِنْهَا قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ وَقَوله عَلَيْك بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين بعدِي وَقَوله اقتدوا باللذين من بعدِي أبي بكر وَعمر وَقَوله ضرب الله بِالْحَقِّ على لِسَان عمر وَقَلبه وَقَوله الْحق بعدِي مَعَ عمر وَقَوله اللَّهُمَّ أدر الْحق مَعَ عَليّ حَيْثُ مَا دَار فَالْجَوَاب إِن هَذِه أَخْبَار آحَاد لَا يسْتَدلّ بهَا على الْعلم على أَن قَوْله بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ وَقَوله عَلَيْكُم بِسنتي وَقَوله اقتدوا باللذين من بعدِي خطاب مُوَاجهَة لمن فِي ذَلِك الْعَصْر مِمَّن لَيْسَ بصحابي أَن يتبع الصَّحَابَة وَمن لم يكن صحابيا فِي ذَلِك الْعَصْر فَلَيْسَ من أهل الِاجْتِهَاد فَجَاز لَهُ أَن يُقَلّد وَقد نبه بذلك على أَن غَيرهم من أهل الْأَعْصَار من الْعَامَّة يجوز أَن يُقَلّد علماءه على أَن قَوْله بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ وَقَوله اقتدوا باللذين لَيْسَ بِعُمُوم فِي وُجُوه الِاقْتِدَاء فَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد بِهِ الِاقْتِدَاء بهم فِي روايتهم لِأَنَّهُ يُقَال لمن اتبع رِوَايَة غَيره إِنَّه قد اقْتدى بِهِ إِي اقْتدى بروايته وَصدق حَدِيثه على أَن قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْك بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء يُفِيد

<<  <  ج: ص:  >  >>