للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوب الْأَخْذ بِسنة الْخُلَفَاء وَلَيْسَ أحد يُوجب ذَلِك إِلَّا على الْعَاميّ إِذا لم يجد غَيرهم مِمَّن يفتيه فَعلمنَا أَن لَيْسَ المُرَاد بِهِ الْفَتْوَى وَقَوله الْحق بعدِي مَعَ عمر وَقَوله اللَّهُمَّ أدر الْحق مَعَ عَليّ يدل على أَن قَوْلهمَا حق وصواب والقائلون بِأَن كل مُجْتَهد مُصِيب لَا يأبون ذَلِك وَكثير مِنْهُم يمْنَع الْعَالم من تقليدهما

وَمِنْهَا أَن بعض الصَّحَابَة كَانَ يرجع إِلَى قَول بعض عِنْد سَمَاعه من غير أَن يسْأَله عَن دَلِيله نَحْو مَا رُوِيَ أَن عمر رَجَعَ إِلَى قَول عَليّ ومعاذ وَلم يُنكر عَلَيْهِ أحد من السّلف وَبَايع عبد الرَّحْمَن عُثْمَان على اتِّبَاع سنة ابي بكر وَعمر وَالْجَوَاب أَنه يجوز أَن يكون تنبه عمر على وَجه قَول عَليّ ومعاذ عِنْد سَمَاعه أَو خطر بِهِ وَجه قَوْلهمَا من غير أَن ينبهه قَوْلهمَا على ذَلِك وَقد يفهم الْحَاضِرُونَ ذَلِك فلحسن ظن الصَّحَابَة بعمر صرفُوا أمره إِلَى ذَلِك فَلم ينكروا عَلَيْهِ يبين ذَلِك أَن الْإِنْسَان إِذا تردد بَين رأيين فِي الْحَرْب ثمَّ صمم على أَحدهمَا فَقَالَ لَهُ قَائِل لَيْسَ هَذَا بصواب بل الصَّوَاب كَذَا وَكَذَا فَقَالَ لَهُ صدقت فهم الْحَاضِرُونَ أَنه إِنَّمَا صدقه لِأَنَّهُ إِنَّمَا تنبه على وَجه الرَّأْي إِمَّا من ذَلِك الْكَلَام أَو من غَيره وَلَيْسَ كَذَلِك إِذا عملت الصَّحَابَة بِخَبَر مَرْوِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن الْعَادة تَقْتَضِي أَنهم إِنَّمَا عمِلُوا لأجل الْخَبَر لَا أَنهم تنبهوا على وَجه الِاجْتِهَاد لأَنهم إِنَّمَا يسْأَلُون عَن الْأَخْبَار ليعملوا بهَا وَالْعَادَة فِي الْعلمَاء أَن يسْأَل بَعضهم بَعْضًا لَا ليعْمَل على قَوْله لَكِن ليتنبه على وَجه القَوْل يبين ذَلِك أَن وَكيلا فِي ضَيْعَة إِذا اشتبهت عَلَيْهِ أمورها فَقَالَ أَيّكُم سمع من موكلي فِي هَذَا شَيْئا فَقَالَ قَائِل سَمعه يَقُول كَذَا وَكَذَا فَعمل الْوَكِيل على ذَلِك علم الْحَاضِرُونَ أَنه إِنَّمَا عمل على مَا حُكيَ لَهُ لَا على الِاجْتِهَاد وَلَيْسَ كَذَلِك لَو ترك بِرَأْيهِ وَصوب رَأْي غَيره مَعَ أَنه من أهل الرَّأْي والحزم

وَمِنْهَا أَن قَول الْمُجْتَهد صَوَاب وكل صَوَاب جَائِز اتِّبَاعه وَالْجَوَاب إِن الْقَائِلين بِأَن الْحق فِي وَاحِد لَا يسلمُونَ أَن كل مُجْتَهد محق والقائلون بِأَن

<<  <  ج: ص:  >  >>