للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكيَ ذَلِك عَن أبي حنيفَة وَحَكَاهُ عَن الشَّافِعِي بعض أَصْحَابه وَهُوَ ظَاهر قَوْله فِي بعض الْمَوَاضِع لِأَنَّهُ قَالَ إِن كل مُجْتَهد قد أدّى مَا كلف وَقَالَ الْأَصَم وَابْن عَلَيْهِ وَبشر المريسي إِن المحق من الْمُجْتَهدين وَاحِد وَمن عداهُ مخطىءفي اجْتِهَاده وَفِيمَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَاده وَقَالُوا إِن على الْحق دَلِيلا يعلم بِهِ الْمُسْتَدلّ أَنه قد وصل إِلَى الْحق وَيجب نقض الحكم بِمَا خَالف الْحق وَقَالَ غَيرهم مِمَّن قَالَ بِهَذِهِ الْمقَالة على الْحق دَلِيل وَإِن الْمُجْتَهد يعْتَقد أَنه قد أَصَابَهُ فِي الظَّاهِر دون الْبَاطِن وَقد حكى بعض أَصْحَاب الشَّافِعِي ذَلِك عَن الشَّافِعِي وَحكى بَعضهم عَن أبي حنيفَة أَيْضا أَنه قَالَ الْحق فِي الْوَاحِد وَمن النَّاس من قَالَ إِن مَا عدا المحق من الْمُجْتَهدين مُصِيب فِي اجْتِهَاده مخطىء فِي الحكم وهم الْقَائِلُونَ بالأشبه لأَنهم جعلُوا أشبه عِنْد الله قَالُوا وَهُوَ مَطْلُوب الْمُجْتَهد قَالُوا وَهَذَا هُوَ الَّذِي لَو نَص الله على الحكم لنَصّ عَلَيْهِ وَلَا شُبْهَة فِي أَن ذَلِك الْأَشْبَه هُوَ وَاحِد مَا عداهُ خطأ وَقَالُوا مَا كلف الْإِنْسَان أَصَابَهُ الْأَشْبَه وَحكي عَن مُحَمَّد القَوْل بالأشبه وَحَكَاهُ سُفْيَان بن سحبان عَن ابي حنيفَة وَحكى قوم عَنهُ أَن الْمُجْتَهد مخطىء خطأ مَوْضُوعا عَنهُ وَقد حُكيَ القَوْل بالأشبه عَن ابي عَليّ لِأَنَّهُ قَالَ لَا يمْتَنع أَن يكون الْفَرْع بِبَعْض الْأُصُول اشبه عَنهُ الله ويمر فِي كَلَامه مثل قَول ابي هَاشم وَعَن الشَّافِعِي أَن فِي كل مَسْأَلَة ظَاهرا وإحاطة وكلف الْمُجْتَهد الظَّاهِر وَلم يُكَلف الْإِحَاطَة وَعنهُ إِن فِي كل حَادِثَة مَطْلُوبا معينا وَلم يُكَلف الْمَرْء إِصَابَته

وَلم يخْتَلف الْقَائِلُونَ بِأَن كل مُجْتَهد مُصِيب مِمَّن قَالَ بالأشبه أَنه مَا كلف الْمَرْء إِصَابَة الْأَشْبَه وَإِنَّمَا كلف الِاجْتِهَاد وَالْعَمَل عَلَيْهِ وَلم يقل أحد أَن الْمُجْتَهد مخطىء فِي اجْتِهَاده مُصِيب فِي الحكم لِأَن من أَخطَأ فِي الِاجْتِهَاد وَقصر فِيهِ لَو قَالَ بِالْحَقِّ اتِّفَاقًا من غير طَريقَة كَانَ قَوْله خطأ لِأَنَّهُ كمن قَالَ تنحيتا من غير نظر أصلا

<<  <  ج: ص:  >  >>