جوزتم أَن " يَخْلُو " عصر من الْأَعْصَار عَن أهل الْإِجْمَاع.
قُلْنَا: هَذَا مِمَّا اخْتلف فِيهِ أَصْحَابنَا قَدِيما وحديثا، فَذهب الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَن أهل الْإِيمَان لَا يرجعُونَ إِلَى الْعدَد الَّذِي ذكرتموه، إِذْ قد ثَبت بالأدلة القاطعة وَإِجْمَاع الْأمة أَن أهل هَذِه الْملَّة لَا ينقرضون، إِلَى أَن ينْفخ فِي الصُّور. وَقد قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : (لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي ظَاهِرين بِالْحَقِّ، لَا يضرهم خلاف من خالفهم) فعلى هَذَا لَا يجوز أَن يَخْلُو عصر من الْأَعْصَار عَن طَائِفَة من الْمُؤمنِينَ يبلغون عدد أهل التَّوَاتُر، فَسقط مَا قَالُوهُ على هَذَا الْمَذْهَب.
وَمن أَصْحَابنَا من جوز رُجُوع أهل الْملَّة فِي آخر الزَّمَان إِلَى عدد لَا يبلغون عدد التَّوَاتُر، ثمَّ هَؤُلَاءِ أَجمعُوا على أَنهم - وَإِن رجعُوا الى هَذَا الْعدَد - فَمَا أَجمعُوا عَلَيْهِ، حجَّة قَاطِعَة عِنْد الله. حَتَّى لَا يَخْلُو الزَّمَان عَن حجَّة قَائِمَة.
١٣٩٤ - وَأما مَا ذَكرُوهُ من أَنهم لَو أخبروا عَن أنفسهم بِالْإِيمَان، لم نعلم حَقِيقَة صدقهم، فَكيف نعلم ثُبُوت مَا أَجمعُوا عَلَيْهِ مَعَ الاسترابة فِي إِيمَانهم؟
الْجَواب عَن ذَلِك أَن نقُول: إِذا جَوَّزنَا رُجُوع أهل الْملَّة الى الْعدَد الَّذِي وصفتموه، فَإِنَّمَا يكون ذَلِك فِي آخر الزَّمَان، عِنْد ظُهُور
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute