(مشكوكة) لعدم إِمْكَان اجْتِمَاع الظَّن وَالشَّكّ فِي مَحل وَاحِد. (وَقَول الْفُقَهَاء لَا يرفع الظَّن بِالشَّكِّ: أَي حكمه السَّابِق لَا يرفع شرعا لطرو الشَّك فِيهِ) أَي فِي مَحل الظَّن (المستلزم لارتفاعه) أَي الظَّن (عَن الْبَقَاء) بَعْدَمَا كَانَ مَوْجُودا، فجوز الشَّرْع بَقَاء حكم الزائل فَإِنَّهُ جوز الصَّلَاة مَعَ زَوَال الظَّن الطَّهَارَة بِالشَّكِّ فِي الْحَدث فَلَيْسَ مَعْنَاهُ وجود نفس الظَّن مَعَ طرُو الشَّك فِي مُتَعَلّقه (وَلَا يُمكن مثله) أَي مثل مَا قَالَه الْفُقَهَاء (هُنَا، لِأَنَّهُ) أَي الْكَلَام (فِي ظن الْعلية لَا حكمهَا) فَإِذا زَالَ بِالشَّكِّ حكمنَا بِعَدَمِ اعْتِبَارهَا، لِأَنَّهُ لم يثبت من الشَّارِع جَوَاز الْقيَاس مَعَ زَوَال ظن الْعلية بِالشَّكِّ. ثمَّ لما حكم بِأَن الْحق نقل الِاتِّفَاق على الْمَنْع، وَأول قَول المجوزين لدليلهم الْمَذْكُور، ثمَّ رد ذَلِك الدَّلِيل بِكَوْنِهِ مستلزما للتناقض أَرَادَ تَقْرِير الدَّلِيل على وَجه يسلم عَن التَّنَاقُض، فَقَالَ (وَإِذا لزم من كَلَامهم) أَي المجوزين (تَقْدِير الْمَانِع) على مَا نقل من الِاتِّفَاق وَبَين معنى قَول المجوزين (كفاهم) فِي مُعَارضَة المانعين أَن يَقُولُوا (التَّخَلُّف) أَي تخلف الحكم عَن الْعلَّة فِي مَحل النَّقْض لَا (لمَانع يُوجب نفي ظَنّهَا) أَي الْعلية (وَالدَّلِيل) الدَّال عَلَيْهَا (أوجبه) أَي ظَنّهَا (وَأمكن الْجمع) بَين القَوْل بَان التَّخَلُّف بِلَا مَانع يُوجب نفي الظَّن، وَالدَّلِيل الدَّال على عليتها، أَو بَين دَلِيل الْعلية وَدَلِيل الإهدار، وَهُوَ التَّخَلُّف، فَعمل بِمُوجب الأول فِي غير صُورَة النَّقْض، وَبِالثَّانِي فِي صورته (بتقديره) أَي الْمَانِع، فَيُقَال: نعم التَّخَلُّف بِلَا مَانع يُوجب نَفْيه، لَكِن لَا تخلف هَهُنَا، لأَنا نقدر الْمَانِع، وَالْمَانِع مَوْجُود تَقْديرا احْتِرَازًا عَن إهدار الدَّلِيل بِحَسب الْإِمْكَان (قَالُوا) أَي الْقَائِلُونَ بِالْجَوَازِ فِي المستنبطة ثَانِيًا (لَو توقف الثُّبُوت) للْحكم (بهَا) أَي بالعلية (فِي غير مَحل التَّخَلُّف عَلَيْهِ) أَي على ثُبُوت الحكم (بهَا) أَي بالعلية (فِيهِ) أَي فِي مَحل التَّخَلُّف كَمَا زعمتم أَيهَا الشارطون عدم النَّقْض فِي ثُبُوت الحكم بهَا (انعكس) أَي توقف ثُبُوت الحكم فِي مَحل التَّخَلُّف عَلَيْهِ بهَا فِي غير مَحل التَّخَلُّف (فدار) وَهُوَ ظَاهر (أَولا) ينعكس (فتحكم) أَي فَعدم انعكاسه تحكم، لِأَن ثُبُوت الحكم بهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ على السوية فِي التَّوَقُّف وَعدم التَّوَقُّف، فإثبات توقف أَحدهمَا دون الآخر تحكم (أُجِيب) بِاخْتِيَار الأول، وَهُوَ التَّوَقُّف من الْجَانِبَيْنِ وَمنع بطلَان اللَّازِم، إِذْ هُوَ (دور معية) لَا دور تقدم (وَهَذَا) الْجَواب (صَحِيح إِذا أُرِيد توقف اعْتِبَار الشَّارِع) كَونهَا عِلّة فِي غير مَحل التَّخَلُّف على اعْتِبَار كَونهَا عِلّة فِي مَحل التَّخَلُّف (لَكِن الْكَلَام فِي الدّلَالَة عَلَيْهَا) أَي على الْعلية، يَعْنِي لَيْسَ الْكَلَام فِي توقف الثُّبُوت على الثُّبُوت بِحَسب التحقق، بل بِحَسب الْعلم وَمَا يفِيدهُ وَيدل عَلَيْهِ وَالْحَاصِل أَن قَوْلهم لَو توقف الثُّبُوت بهَا إِلَى آخِره يحْتَمل وَجْهَيْن: أَحدهمَا توقف ثُبُوت الحكم بهَا عِنْد الشَّارِع بِاعْتِبَارِهِ عليتها للْحكم فِي غير مَحل النَّقْض على
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute