للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُبُوت الحكم بهَا كَذَلِك فِي مَحل النَّقْض، وَحِينَئِذٍ يكون التَّوَقُّف من الْجَانِبَيْنِ بِمَعْنى التلازم وَلَا مَحْذُور فِيهِ، وَالثَّانِي توقف الْعلم بعليتها فِي غير مَحل النَّقْض على الْعلم بعليتها لَهُ فِي مَحل النَّقْض وَهَذَا معنى قَوْله (أَي لَو توقف الْعلم بالثبوت بهَا: أَي بعليتها الخ). قَوْله: أَي بعليتها تَفْسِير للثبوت بهَا من قبيل التَّفْسِير باللازم، فَإِن ثُبُوت الحكم بهَا يلْزمه عليتها (وَإِذن) أَي وَإِذا توقف الْعلم بعليتها فِي غير مَحل النَّقْض على الْعلم بعليتها فِي مَحَله وانعكس (فترتب) أَي فالدور دور تَرْتِيب وَتقدم من الْجَانِبَيْنِ لَا دور معية (لأَنا لَا نعلمها) أَي الْعلية (إِلَّا بالثبوت) أَي بِالْعلمِ بِثُبُوت الحكم (فِي الْكل) فِي جَمِيع صور وجودهَا (فَلَو علم بهَا) أَي بالعلية (الثُّبُوت تقدم كل) مِنْهُمَا على الآخر وَلَا يخفى عَلَيْك أَن الْمُدعى إِثْبَات الترتب والتقدم لكل من الْعلم بعليتها فِي غير مَحل النَّقْض، وَالْعلم بعليتها فِي مَحَله، وَالدَّلِيل يُفِيد إثْبَاته لكل من الْعلم بالعلية وَالْعلم بِثُبُوت الحكم بهَا فِي جَمِيع صور وجودهَا، فالدليل لَا يُطَابق الْمُدعى.

وَاعْلَم أَن هَذَا نَظِير مَا فِي الشَّرْح العضدي من قَوْله لَو توقف كَونهَا أَمارَة، وَهُوَ ثُبُوت الحكم بهَا فِي غير صُورَة التَّخَلُّف على ثُبُوت الحكم بهَا فِي صُورَة التَّخَلُّف لانعكس فتوقف ثُبُوته فِيهَا على ثُبُوته فِي غَيرهَا وَيلْزم الدّور، ثمَّ ذكر أَنه دور معية ثمَّ رده وَقَالَ هَذَا لَيْسَ بِحَق، إِذْ لَا يعلم عليتها إِلَّا بِثُبُوت الحكم بهَا فِي جَمِيع صور وجودهَا، فَلَو علم ثُبُوت الحكم بهَا لزم دور تقدم قطعا، إِذْ مَا بِهِ يعلم الشَّيْء قبل الْعلم بالشَّيْء فالمصنف ترك كَونهَا أَمارَة وَاكْتفى بتفسيره، فالإيراد مُشْتَرك بَينهمَا. وَالْجَوَاب أَن قَوْلهم فِي الِاسْتِدْلَال ثُبُوت الحكم بهَا أُرِيد بِهِ علية الْعلَّة فِي جَانب الْمَوْقُوف فِي التَّوَقُّف الأول لكَونه مَعْنَاهُ وَأُرِيد بِهِ حَقِيقَته، وَهُوَ تحقق الحكم بِسَبَب الْعلَّة فِي جَانب الْمَوْقُوف عَلَيْهِ فِي ذَلِك التَّوَقُّف، فَالْمَوْقُوفُ حِينَئِذٍ الْعلم بعليتها، وَالْمَوْقُوف عَلَيْهِ الْعلم بتحقق الحكم بِسَبَبِهَا، وَفِي التَّوَقُّف الثَّانِي عكس ذَلِك: فَالْمَوْقُوفُ فِيهِ الْعلم بتحقق الحكم بِسَبَبِهَا، وَالْمَوْقُوف عَلَيْهِ الْعلم بعليتها، فانطبق الدَّلِيل على الْمُدعى، غير أَنه لم يذكر المحلين فِي هَذَا التَّقْدِير تسهيلا للفهم مَعَ الِاسْتِغْنَاء عَنهُ فَهُوَ جَوَاب بتفسير يسير للدليل (لِأَن مَا بِهِ الْعلم قبله) تَعْلِيل لتقدم كل من الْعلم بالعلية وَالْعلم بالثبوت، يَعْنِي مَا يحصل بِهِ الْعلم بالشَّيْء الْعلم بِهِ قبل الْعلم بذلك الشَّيْء (وَحِينَئِذٍ) أَي وَحين قرر الِاسْتِدْلَال على هَذَا الْوَجْه (الْجَواب) عَن الِاسْتِدْلَال الْمَذْكُور (منع لُزُوم الانعكاس و) منع لُزُوم (التحكم) على تَقْدِير عدم الانعكاس (إِذْ ابْتِدَاء ظن الْعلية) إِنَّمَا يكون (بِأحد المسالك) لِلْعِلَّةِ من الْمُنَاسبَة وَغَيرهَا على مَا بَين فِي مَوْضِعه فبذلك يحصل الظَّن بهَا، غير أَنه يبْقى احْتِمَال ظُهُور مَا يُنَافِيهِ (فَإِذا استقرئت الْمحَال) لِلْعِلَّةِ (لاستعلام معارضه) أَي لطلب الْعلم بِوُجُود مَا يُعَارض ذَلِك الْمُوجب للظن (من التَّخَلُّف) بِأَن تُوجد الْعلَّة فِي مَحل وَلَا يُوجد

<<  <  ج: ص:  >  >>