بِكَسْر الْوَاو وَهُوَ الْعتْق (إِن لم ينزل) أَي لم يعْتق مِنْهُ (شَيْء) أما المطاوعة فَلِأَنَّهُ يُقَال أَعتَقته فَعتق ككسرته فانكسر، والمطاوعة حُصُول الْأَثر عَن تعلق الْفِعْل الْمُتَعَدِّي بمفعوله، وَأثر الشَّيْء لَازم لَهُ (وَقَلبه) أَي وَيثبت المطاوع بِكَسْر الْوَاو بِلَا مُطَاوع بِفَتْحِهَا (إِن نزل) أَي عتق (كُله) إِن تحقق عتق الْبَعْض الَّذِي لم يتَعَلَّق بِهِ الْإِعْتَاق كتحقق عتق الْكل بِدُونِ إِعْتَاقه (وتجزأ) الْإِعْتَاق (عِنْده) أَي عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله (لِأَنَّهُ) أَي الْإِعْتَاق (إِزَالَة الْملك المتجزئ) اتِّفَاقًا (حَتَّى صَحَّ شِرَاء بعضه وَبيعه) أَي بيع بعضه (وَإِن تعلق بِتَمَامِهِ) أَي الْإِعْتَاق (مَا لَا يتَجَزَّأ) وَهُوَ الْعتْق، فَإِن وصلية: يَعْنِي كَون الْعتْق بِحَيْثُ لَا يَتَرَتَّب إِلَّا على إِعْتَاق التَّمام، وَهُوَ إِعْتَاق الْكل لَا يَسْتَدْعِي عدم تُجزئ الْإِعْتَاق لجَوَاز تُجزئ الْمَاهِيّة مَعَ عدم تُجزئ أثر قسم مِنْهَا وَإِن كَانَ ذَلِك الْأَثر مطاوعا لذَلِك الْقسم (كَالْوضُوءِ تعلق بِتَمَامِهِ إِبَاحَة الصَّلَاة وَهُوَ) أَي الْوضُوء (متجزئ دونهَا) أَي إِبَاحَة الصَّلَاة فَإِن قلت مدَار استدلالهما على استلزام تُجزئ كل من المطاوع والمطاوع تجزأ الآخر، لَا على استلزام تُجزئ الْمُتَعَلّق تجزأ الْمُتَعَلّق، وَالْوُضُوء من الثَّانِي دون الأول فَلَا ينفع هَذَا النّظر قلت المُرَاد نفي كَون الْإِعْتَاق مُطلقًا مطاوعا لِلْعِتْقِ وَبعد نَفْيه لَا يبْقى إِلَّا كَونه بِحَيْثُ يتَعَلَّق بِتَمَامِهِ دون نقصانه، وَحِينَئِذٍ لَا يصير مثل الْوضُوء، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (والمطاوعة فِي أعْتقهُ فَعتق) إِنَّمَا هِيَ (عِنْد إِضَافَته) أَي الْإِعْتَاق (إِلَى كُله) أَي كل العَبْد (كَمَا هُوَ اللَّفْظ) أَي مفاده: يَعْنِي لفظ أعْتقهُ، فَإِن الْمُتَبَادر مِنْهُ إِعْتَاق الْكل فَإِنَّهُ الْحَقِيقَة (فَلَا يثبت بِإِعْتَاق الْبَعْض شَيْء من الْعتْق وَلَا زَوَال شَيْء من الرّقّ عِنْده) أَي أبي حنيفَة رَحمَه الله. وَفِي قَوْله وَلَا زَوَال إِلَى آخِره إِشَارَة إِلَى أَن الْعتْق قُوَّة شَرْعِيَّة تحصل فِي الْمحل، والزوال الْمَذْكُور لَازمه، وَإِنَّمَا ذكره للتَّأْكِيد، وَذَلِكَ لِأَن ملزوم الْعتْق ومطاوعته إِنَّمَا هُوَ إِعْتَاق الْكل وَلم يتَحَقَّق وإعتاق الْبَعْض لَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ شَيْء من الْعتْق وَإِلَّا لزم عتق الْكل لعدم تُجزئ الْعتْق اتِّفَاقًا فَيلْزم عَلَيْهِ الْعتْق جبرا (بل هُوَ) أَي مُعتق الْبَعْض (كَالْمكَاتبِ) فِي أَنه لَا يَصح مِنْهُ أَحْكَام الْحُرِّيَّة (إِلَّا أَنه) أَي مُعتق الْبَعْض (لَا يرد) إِلَى الرّقّ الْخَالِص، لِأَن سَببه إِزَالَة الْملك، لَا إِلَى أحد وَهِي لَا تحْتَمل الْفَسْخ بِخِلَاف الْمكَاتب فَإِنَّهُ يرد إِلَيْهِ إِذا عجز عَن المَال لِأَن السَّبَب فِيهِ عقد يحْتَمل الْفَسْخ (فأثره) أَي إِعْتَاق الْبَعْض (حِينَئِذٍ) أَي حِين كَانَ إِزَالَة بعض الْملك من غير حُصُول الْعتْق (فِي فَسَاد الْملك) فِي الْبَاقِي حَتَّى لَا يملك الْمولى بيع مُعتق الْبَعْض وَلَا إبقاءه فِي ملكه، وَيصير هُوَ أَحَق بمكاسبه وَيخرج إِلَى الْحُرِّيَّة بالسعاية (وَهَذَا) أَي كَونه مؤثرا فِي فَسَاد الْملك الَّذِي هُوَ حق للْعَبد، لَا فِي الرّقّ الَّذِي هُوَ حق لله تَعَالَى إِنَّمَا كَانَ (لوُجُوب قصر ملاقاة التَّصَرُّف) فِي (حق الْمُتَصَرف) أَي على حَقه لَا يتجاوزه إِلَى حق غَيره: يَعْنِي أَن تَصَرُّفَات الْإِنْسَان إِنَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute