للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَي غير المبتدع بِمَا هُوَ كفر (كالبدع الجلية) أَي كالمبتدع بالبدع الجلبة (كفسق الْخَوَارِج) وهم سبع فرق: لَهُم ضلالات فاضحة، وأباطيل وَاضِحَة تعرف فِي كتب الْكَلَام. وَالْمرَاد بفسقهم بمذهبهم الْبَاطِل المستلزم خُرُوجهمْ عَن طَاعَة الله سُبْحَانَهُ (وفيهَا) أَي الْبدع الجلية مذهبان (الرَّد) للشَّهَادَة وَالرِّوَايَة لقَوْله تَعَالَى {إِن جَاءَكُم فَاسق بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا}، وَالْأَمر بالتبين دَلِيل الرَّد وَهُوَ فَاسق (وَالْأَكْثَر الْقبُول) لما اشْتهر بَين الْأُصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاء عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَوْله (أمرت أَن أحكم بِالظَّاهِرِ) وَالله يتَوَلَّى السرائر، وَقَول صَاحب الْبِدْعَة ظَاهِرَة الصدْق. وَقَالَ الذَّهَبِيّ وَغَيره: لَا أصل لَهُ، وَنقل عَن بعض الْمُحدثين أَنه رَآهُ فِي كتاب يُسمى: " إدارة الْأَحْكَام ". وَقَالَ بعض الْحفاظ: لم أَقف على هَذَا الْكتاب. وَقَالَ ابْن كثير: يُؤْخَذ من حَدِيث أم سَلمَة فِي الصَّحِيحَيْنِ " إِنَّمَا أَنا بشر وَإِنَّكُمْ تختصمون إِلَيّ فَلَعَلَّ بَعْضكُم أَن يكون أَلحن بحجته من بعض فأقضي لَهُ على نَحْو مَا أسمع، فَمن قضيت لَهُ بِشَيْء من حق أَخِيه فَلَا يَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا فَإِنَّمَا أقطع لَهُ قِطْعَة من النَّار ". (وَلَا يُعَارض) هَذَا الْمَرْوِيّ (الْآيَة لنأولها بالكافر أَو) بِأَن المُرَاد الْفَاسِق (بِلَا تَأْوِيل أَنه) أَي فسقه (من الدّين) وَهَذَا المبتدع يعد فسقه من الدّين (بِخِلَاف استدلالهم) أَي الْأَكْثَرين بِأَن السّلف (أَجمعُوا على قبُول) رِوَايَة (قتلة عُثْمَان) رَضِي الله عَنهُ (وَهِي) أَي بِدعَة قَتله (جلية) عِنْد أهل الْحق فَإِنَّهُ (رد بِمَنْع إِجْمَاع الْقبُول) لروايتهم. قَالَ السُّبْكِيّ: بل الْإِجْمَاع قَائِم على رد روايتهم لعدم الريب فِي كفرهم لاستحلالهم قَتله، وَالْكَافِر مَرْدُود إِجْمَاعًا وَأَن لم يستحلوه فَلَا ريب فِي فسقهم. وَقَالَ بعض الْحفاظ أَن دَعْوَى الْإِجْمَاع مجازفة، لِأَنَّهُ أَرَادَ من بَاشر قَتله فَلَيْسَ لأحد مِنْهُم رِوَايَة، وَإِن أَرَادَ من حاصره أَو رَضِي بقتْله، فَأهل الشَّام قاطبة مَعَ من كَانَ فيهم من الصَّحَابَة وكبار التَّابِعين، إِمَّا مكفر لأولئك وَإِمَّا مفسق. وَأما غير أهل الشَّام فَكَانُوا ثَلَاث فرق: فرقة على هَذَا الرَّأْي، وَفرْقَة سَاكِنة، وَفرْقَة على رَأْي أُولَئِكَ فَأَيْنَ الْإِجْمَاع؟ (وَلَو سلم) قبُول رِوَايَة قتلته (فَلَيْسَ) قتل عُثْمَان (مِنْهَا) أَي الْبدع الجلية (لِأَن بَعضهم يرَاهُ) أَي قَتله حَقًا (اجتهاديا فَلَا يفسقهم وَنقل) هَذَا (عَن عمار وعدي بن حَاتِم) من الصَّحَابَة (وَالْأَشْتَر) فِي جمَاعَة (وَأما غير) الْبدع (الجلية كنفي زِيَادَة الصِّفَات) الثبوتية من الْحَيَاة وَالْقُدْرَة وَالْعلم وَغَيرهَا لله تَعَالَى كَمَا عَلَيْهِ الْمُعْتَزلَة وَقَالَ هُوَ حَيّ عَالم قَادر بِنَفسِهِ من غير حَاجَة إِلَى صفة زَائِدَة على الذَّات (فَقيل يقبل) خَبره (اتِّفَاقًا، وَإِن ادّعى كل) من المتخالفين (الْقطع بخطأ الآخر لقُوَّة شبهته عِنْده وَإِطْلَاق فَخر الْإِسْلَام رد) رِوَايَة (من دَعَا إِلَى بدعته) وشهادته (وَقبُول غَيره) أَي غير الدَّاعِي إِلَى بدعته من المبتدعة، لِأَن ذَلِك قد يحمل على تَحْرِيف الرِّوَايَات إِلَى مَا يَقْتَضِيهِ مذْهبه، وعزى

<<  <  ج: ص:  >  >>