للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ثم اختلف المُثْبتون للمفهوم.

فقال أكثر أصحابنا: دليله اللغة، ووضع اللسان، وهو الصحيح.

وقال بعضهم: الشرع.

وقال الإمام الرازي: العرف العام.

واختلفوا أيضًا هل دَلّ على النفي عما عداه مطلقًا، سواء أكان من جنس المثبت فيه أم لم يكن، أو اختصت دلالته بما إذا كان من جنسه؟.

مثاله: إذا قلنا: في الغنم السائمة زكاة.

فهل نفينا الزكاة عن المعلوفة مطلقًا سواء أكانت من الإبل أم البقر أم الغنم، أو لم ننف إلَّا عن معلوفة الغنم؟

على قولين حكاهما الإمام الرازي وغيره، وحَكَاه الشيخ أبو حامد خلافًا لأصحابنا.

وقال: الصحيح تخصيصه بالنَّفْي عن مَعْلُوفة الغنم فقط.


= وتولى الدفاع عن هذا القول على شذوذه، وتهجّم على جماهير العلماء، وأتى في هذا الباب بالشيء الكثير من الشبه التي سماها حججًا وردودًا مع أنها لا تخرج في مجموعها عن شبه واهية لا تغنى من الحق شيئًا، ومكابرة لا تسيغها قوانين المناظرة.
هذا: والنزاع في حجية مفهوم الموافقة إثباتًا ونفيًا يرجع في المعنى إلى الخلاف في تحقق مفهوم الموافقة، وعدم تحققه؛ بمعنى أن القول بحجية مفهوم الموافقة يرجع في المعنى إلى القول بأن النص الدال على ثبوت الحكم في محل النطق، يدل على ثبوته أيضًا في محل السكوت؛ لاشتماله على المعنى الذي ثبت الحكم لأجله في محل النطق سواء كان محل السُّكوت أولى بالحكم من محل النطق، أو مساويًا له فيه.
والقول بعدم حجيته، كما قالت بذلك الظاهرية يرجع في المعنى إلى القول بعدم دلالة النص على ثبوت حكم المنطوق للمسكوت الأولى، أو المساوي. هذا هو المراد بالنزاع في حجية مفهوم الموافقة إثباتًا ونفيًا، وليس المراد به ما يتبادر من ظاهر التعبير بالخلاف في الحجية من الاتفاق على تحقق مفهوم الموافقة، وأنَّ المنطوق له دلالة على المسكوت، والخلاف بعد ذلك إنما هو في حجية هذه الدلالة والعمل بها؛ إذ بعد تسليم تحقق الدلالة المذكورة لا يَتَأتَّى الخلاف في حجيتها، وإلا لزم القول بإسقاط نوع من أنواع الدلالات الشرعية مع التسليم بتحققها.

<<  <  ج: ص:  >  >>