للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُثْبِتُونَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي "لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عُقُوبَتهُ وَعِرْضهُ": يَدُلُّ عَلَى أَنّ لَيَّ مَنْ لَيْسَ بِوَاجِدٍ لَا يُحِلُّ عُقُوبَتهُ وَعِرْضَه، وَفِي: "مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ" مِثْلَهُ.

وَقِيلَ لَهُ فِي قَوْلِهِ : "خَيْرٌ لَهُ مِنَ أَنْ يَمْتَلِيءَ شِعْرًا الْمُرَادُ: الْهِجَاءُ وَهِجَاءُ الرَّسُولِ فَقَالَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِ الاِمْتِلاءِ مَعْنًى؛ لأِنَّ قَلِيلَهُ كَذَلِكَ، فَأُلْزِمَ مِنْ تَقْدِيرِ الصِّفَةِ الْمَفْهُومُ.

وَقَالَ بِهِ الشَّافِعِيُّ ، وَهُمَا عَالِمَانِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ؛ فَالظَّاهِرُ فَهْمُهمَا ذَلِكَ لُغَةً.

قَالُوا: بَنَيَا عَلَى اجْتِهَادِهِمَا.

أُجِيبَ: بِأَنَّ اللَّغُةَ تَثْبُتُ بِقَوْلِ الأئِمَّةِ مِن أَهْلِ اللُّغَةِ، وَلا يَقْدَحُ فِيهِمَا التَّجْوِيزُ.

وَعُورِضَا: بِمَذْهَبِ الأخْفَشِ.

وَأُجِيبَ: بِأنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ كَذَلِكَ، وَلَوْ سُلِّمَ، فَمَنْ ذَكَرْنَاهُ أَرْجَح، وَلَوْ سُلَّمَ فَالْمُثْبِتُ أَوْلَى.

الشرح: واحتجّ "المثبتون" لمفهوم الصفة بأنه قد "قال أبو عبيد" القاسم بن سلام "في" قوله : "لَيُّ [الوَاجِدِ] (١) يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وعِرضَهُ".

وهو حديث رواه البخاري "تعليقًا" بغير صيغة الجزم، وأخرجه أبو داود، والنسائي، وابن ماجة أنه "يدلّ على أن في من ليس [بواجد] (٢) لا يحلّ عقوبته وعرضه".

فلذلك قال "في" قوله الثابت في الكتب السّنة: "مَطْلُ الغَنِيّ ظُلْمٌ" مثله"، وقيل له في قوله الثابت في "الصحيحين": "لأنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قيحًا يربه "خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا" (٣): المراد" بهذا: الشعر المذموم" الهجاء، وهجاء الرسول فقال: لو


(١) في ت: الواحد.
(٢) في أ، ت: بواحد.
(٣) أخرجه البخاري ١٠/ ٥٤٨، في كتاب الأدب: باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر (٦١٥٥)، ومسلم ٤/ ١٧٦٩، وفي الشعر ٧/ ٢٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>