للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كان كذلك لم يكن لذكر الامتلاء معنى؛ لأن قليله كذلك[واستدل به] (١) "فألزم من تقدير الصفة المفهوم"، واستدلّ به على أن قليل الشعر غير مذموم.

"وقال به الشَّافعي، وهما" أعني الشَّافعي، وأبا عبيد "عالمان بِلُغَةِ العرب، فالظاهر فيهما ذلك لغة"، ولا يخفى عليك أن هذا الدَّليل يدل على أن المفهوم حجة بوضع اللغة.

"قالوا: بنيا على اجتهادهما"، واجتهادهما ليس حجة على غيرهما.

"أجيب: بأن اللغة تثبت بقول الأئمة" ولا يقدح فيهما هذا التجويز".

قال أصحابنا: وأيضًا فأبو عبيد إنما فسر حديث النبي في كتابه على ما عرفه من لسان العرب لا على ما يعرض في خاطره، وقد كانوا يحترزون في تفسير الحديث أشدّ الاحتراز.

"و" قد "عورض" الاستدلال بالشَّافعي، والقاسم بن سلام "بمذهب الأخفش"؛ فإنه أنكر دليل الخطاب، وهو أيضًا من أهل اللغة.

"وأجيب بأنه" رأيٌ "لم يثبت كذلك".

فإن رأى الشافعي نقله الجمع العظيم، وهم أصحابه الذين طبقوا طبق الأرض، ورَأْى أبي عبيد نقله المعتنون بـ"غريب الحديث"، وهم عدد لا يحصى.

"ولو سلم فمن ذكرناه أرجح" من الأخفش.

"ولو سلم" التساوي "فالمثبت أولى".

ثم معارضة أبي عبيد بالأخفش ربما يسهل أمرها لأنهما ناقلان عن لسان العرب، وإن ترجح أبو عبيد بزيادة الثبت والعلم، وصحة السند إليه، وأنه مثبت.

وأما معارضة الشافعي به فمن الطَّامات الكُبَر؛ فإن الشافعي قرشى متين، ومنطقه طَبْعُهُ، وحملة [الشريعة] (٢) يستدلون بقول أعرابي جلف بَوّال على عقبيه، فكيف لا يستدلّون بابن عم المصطفي ، الذي تَفَقَّأت عنه بَيْضَةُ بني مضر، وثمرة الشجرة التي أظلت أهل البدو والحَضَر، ومن قال فيه الأصمعي: إن له لغة يحتج بها.


(١) سقط في أ، ب.
(٢) في ج: الشرع.

<<  <  ج: ص:  >  >>