للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

والآمدي قد أجاب في "الإِحكام" (١) غير هذا الجواب، بأنَّ الكلام مفروض في حالة الاجتماع دون الانفراد، والتَّقسيم في حالة الاجتماع، على ما سبق.

ولكن الشيخ الهِنْدِيّ ضعفه: بأنه ليس معنى قولنا: "إِنه لو وجد منفردًا حالة الاجتماع، حتى يكون فرض حالة الاجتماع" منافيًا له.

بل معناه: أن العلة المستقلّة ماله هذه الحيثيّة، ومعلوم أن فرض حالة الاجتماع لا ينافي هذا المفهوم، ويرجع حاصل الكلام حينئذ إِلى أنه لم لا يجوز حينئذ أن يكون [الحكم] (٢) معللًا بكلّ واحد من العلل المختلفة التي شأنها أنه لو وجدت واحدة منها وحدها لاستقلت [بالإِيجاد] (٣)؟.

ومعلوم أن التقسيم المذكور في الدَّليل لا يبطل هذا الاحتمال. انتهى.

ولقائل أن يقول: هذه العلّة التي شأنها أنها لو انفردت لاستقلّت كلّ واحدة منها، لا بُدَّ أن يكون لها شأن إِذا اجتمعت؛ لأن الحكم على العلل من حيث هي أعم منه حالة الانفراد والاجتماع، فإذا قضيت على حالة الانفراد بقضاء، فبماذا تقضي على حالة الاجتماع؟.

فإِن قضيت بأن شأنها استقلال كلّ واحدة عند الانفراد، وعدم الاستقلال عند الاجْتِمَاع، فالمستقلّ حالة الاجتماع مجموعها، لا كلّ فرد، ونحن لا نعني بالعلّة إِلا ما يستقل، فلا علّة حينئذ إِلا المجموع، وهو واحد، فأين اجتماع علل على معلول واحد؟.

وإِن قضيت بأنَّ شأنها الاستقلال في الحالتين، عاد التقسيم بحاله.

والحاصل: أن العلل التي شأنها الاستقلال حالة الانفراد، لا نسلّم أنها حال الاجتماع عِلَل، بل علّة واحدة، ونحن لا ننكر عللًا، بحيث لو انفرد كلّ منها أفاد، وإِنما ننكر الاستفادة من كلّ فرد فرد حالة الاجتماع، كما ستعرف تحقيقه.

فقد وضح أن الدليل صحيح، منتهض على امتناع اجتماع علّتين على معلول واحد،


(١) ينظر: الإحكام ٣/ ٢١٨.
(٢) في ت: تحكم.
(٣) في أ، ب، ت: الاتحاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>