للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُجِيبَ: فِي الْفِعْلِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فَعَلَه، أَوْ فِي الْقَوْلِ أَوْ فِيهِمَا.

قَالُوا: ﴿لَقَدْ كَانَ … ﴾ [سورة الأحزاب: الآية ٢١] إِلَى آخِرِهَا، أَيْ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ فَلَهُ فِيهِ أُسْوَةٌ [حَسَنَةٌ].

قُلْنَا: مَعْنَى التَّأَسِّي: إِيقَاعُ الْفِعْلِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فَعَلَهُ.

حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ﴾ [سورة الأحزاب: الآية ٢١]، "أي: من كان يؤمن "فهو يرجو، ومن يرج "فله فيه أسوة حسنة"، وهو ينعكس بعكس النقيض إلى قولنا: ومن لم يكن له فيه أسوة لم يكن راجيًا فلا يكون مؤمنًا، وذلك على وجوب الاتباع.

"قلنا": وجوب التأسِّي مسلم، ولكن "معنى التأسِّي": تأسِّي المرء بغيره "إيقاع الفعل على الوجه الذي فعله"؛ لكونه فعله.

وقولنا: لكونه فعله، فصل ثان يخرج الموافقة، وأهمه المصنّف؛ إذ حاجته هنا إنما هي للفصل الأول، وإذا كانت على الوجه الذي فعله، فلا بد من عِرْفَانه ليقع التأسي به، والفرض أنه مجهول.

ولقائل أن يقول: لم قلتم: إن هذا معنى التأسِّي، والمفهوم من التأسِّي في اللغة إنما هو الاقتداء المُطْلق فلم شرطتم فيه ما ذكرتم؟

وقد قال الشيخ أبو شامة: لم أر أحدًا ممن وقفت على مصنفه في اللغة ذكر في معنى الائتساء والاتباع ما ذكروا، وإنما يفسرون الائتساء: بالاقتداء، والاتباع مطلقًا، وذكر كلام أبي عبيدة، وابن فارس، والجوهرى (١)، والرَّاغب (٢)، وأطنب في دفع هذا الشرط.


(١) إسماعيل بن حماد الجوهري، أبو نصر: أول من حاول "الطيران" ومات في سبيله. لغويّ، من الأئمة، وخطه يذكر مع خط ابن مقلة. أصله من فاراب، ودخل العراق صغيرًا، وسافر إلى الحجاز فطاف بالبادية، وعاد إلى خراسان، ثُمَّ أقام في نيسابور. وصنع جناحين من خشب، وصعد داره، فخانه اختراعه فسقط إلى الأرض قتيلًا، من أشهر كتبه "الصحاح"، وله كتاب في "العروض" وكتب أخرى. توفي سنة ٣٩٣ هـ. ينظر: معجم الأدباء ٢/ ٢٦٩، والنجوم الزاهرة ٤/ ٢٠٧، ونزهة الألبا ٤١٨، والأعلام ١/ ٣١٣.
(٢) الحسين بن محمد بن المفضل، أبو القاسم الأصفهاني (أو الأصبهاني) المعروف بـ"الراغب": أديب، من الحكماء العلماء، من أهل "أصبهان" سكن بغداد، واشتهر حتى كان يقرن بالشيخ الغزالي. من كتبه: محاضرات الأدباء، والذريعة إلى مكارم الشريعة، وجامع التفاسير، والمفردات من غريب القرآن، وحل متشابهات القرآن، وأفانين البلاغة. توفي سنة ٥٠٢ هـ. ينظر: كشف الظنون ١/ ٣٦، وتاريخ حكماء الإسلام (١١٢)، وآداب اللغة ٣/ ٤٤، والأعلام ٢/ ٢٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>