للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقِيلَ: التَّصْدِيقُ أَوِ التَّكْذِيبُ فَيَرِدُ الدَّوْرُ وَأَنَّ الْحَدَّ يَأْبَى "أَوْ".

وهما لا يعرفان إلا بالخبر؛ لأنَّهما نوعان، فإن "الصِّدق المُوَافق للخبر، والكذب نقيضه، فتعريفه به دَوْر"، وهو مثل قولك في حَدّ الحيوان، المنقسم إلى إنسان وفرس، وهو مُنْقدح، "ولا جواب عنه" يصح، ولقد ذكرت أجوبة لا تُرْتضى.

الشرح: "وقيل: التصديق، أو التكذيب، فيرد الدّور" أيضًا، وزيادة شيئين:

أحدهما (١): أن التصديق، أو التكذيب عبارة عن الإخبار بكون الخبر صدقًا أو كذبًا، فقولنا: الخبر ما يحتمل التَّصديق والتكذيب، يجري مجرى قولنا: الخبر: هو الذي يخبر عنه بأنه صدق أو كذب.

والثَّاني: "أن الحَدّ يأبى" لفظ، "أو"؛ لأنه للتَّرديد المنافي للتَّحْدِيد.

"وأجيب" عن هذا الثَّاني "بأن المراد قَبُوله" الحَدّ دخول "أحدهما" لا بعينه.

والقاضي أبو بكر صرَّح بأنه إنما أتى بـ "أو" لذلك.

ولكنا (٢) نقول: لا حاجة إليها، وهي أكثر إيهامًا من "الواو" التي ردها، وقد تقرر اندفاع أن "الواو" تستلزم الجمع بالجواب السَّابق الذي ذكره عبد الجَبَّار، وإليه أشار إمام الحرمين، وابن السَّمعاني وغيرهما.

والحاصلُ من كلام الجماعة: الاعتراف بتوافُقِ الحَدّين، ولكن ادعوا أن لفظ "أو" أوضح، وقد يقال: عكسه، لما عرفت من إيهام التَّرديد، والإيهام لا تدفعه الإرادة.

وأيضًا فـ "أو" وإن كانت للتقسيم، فمقتضاها: ألَّا يدخل الصِّدق والكذب في حالة واحدة، والمرادُ بالدخول: صلاحية الخبر للأمرين.

وقوله: لهما، وهو في حالة واحدةٍ يقبل الصِّدق والكذب، وإن لم يجتمع نفس الصِّدق والكذب، فالتَّنَافي بين الصِّدْق والكذب لا بَين قَبُولهما.

وبهذا يخرج الجَوَاب عن دَعْوَاهم أن "الواو" تُوهِمُ الاجتماع، فنقول: إنّما يتوهم اجتماع القبولين، ونحن به قائلون، وإياه مدعون، كقَبُولِ زيد للحركة والسّكون والقيام (٣) والقعود في


(١) في حاشية ح: قوله: أحدهما .... إلخ يلزم هذا أنه عرفه بنفسه وهو غير الدور.
(٢) في ت: ولكننا.
(٣) في أ، ح: فالقيام.

<<  <  ج: ص:  >  >>