وَجَوَابه منع دلَالَة الْآيَة على الِاجْتِهَاد وَالْمَنْع من التَّقْلِيد كَمَا هُوَ مَبْسُوط فِي كتب الْأُصُول وَلَئِن سلم ذَلِك فَلَا نسلم أَن الْأَخْذ بقول الصَّحَابِيّ يكون على وَجه التَّقْلِيد لَهُ بل ذَلِك على أَنه مدرك من مدارك الشَّرْع يجب على الْمُجْتَهد الْأَخْذ بِهِ كَمَا فِي النَّص وَالْقِيَاس وَغَيرهمَا من المدارك وكما أَن الْأَمر بِالِاعْتِبَارِ إِذا كَانَ دَالا على الْأَخْذ بِالْقِيَاسِ لَا يكون منافيا للأخذ بِالنَّصِّ لكَون الْأَمر بِالِاعْتِبَارِ إِنَّمَا هُوَ بعد فقدان النَّص فَكَذَلِك الْأَخْذ بقول الصَّحَابِيّ فَإِنَّهُ أَيْضا مقدم على الْقيَاس عِنْد الْقَائِلين بِهِ فَلَا يكون الْأَمر بِالِاعْتِبَارِ منافيا لحجيته
الْوَجْه الثَّالِث قَالُوا أَجمعت الصَّحَابَة على جَوَاز مُخَالفَة بَعضهم بَعْضًا حَتَّى لم يُنكر أحد من الْخُلَفَاء الرَّاشِدين على من خَالفه وَقد تقدم نبذة من ذَلِك فَلَو كَانَ مَذْهَب الصَّحَابِيّ حجَّة لما كَانَ كَذَلِك ولكان يُنكر كل مِنْهُم على من خَالفه
وَجَوَابه أَنه غير دَال على صُورَة النزاع فَإِن صورته أَن قَوْلهم أَو مَذْهَبهم هَل هُوَ حجَّة على من بعدهمْ من التَّابِعين الْمُجْتَهدين وَمن بعدهمْ أم لَا فَأَما كَون الْوَاحِد من مجتهدي الصَّحَابَة يكون قَوْله حجَّة على مثله مِنْهُم فَلَيْسَ مَحل النزاع