فِيهِ بَين أَن يكون هُوَ الرَّاوِي للْحَدِيث أم لَا كَمَا صرح بِهِ بَعضهم لِأَن تَخْصِيصه يدل على أَنه اطلع من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قَرَائِن حَالية تَقْتَضِي تَخْصِيص ذَلِك الْعَام فَهُوَ أقوى من التَّخْصِيص بِمذهب صَحَابِيّ آخر لم يرو الْخَبَر وَلَعَلَّه لم يبلغهُ لَو بلغه لم يُخَالِفهُ بِإِخْرَاج بعضه وَإِلَى هَذِه الْأَوْلَوِيَّة يرشد كَلَام ابْن الْحَاجِب بقوله فِي الْمُخْتَصر مَذْهَب الصَّحَابِيّ لَا يخصص وَلَو كَانَ هُوَ الرَّاوِي خلافًا للحنفية والحنابلة نعم مَسْأَلَة التَّخْصِيص بقول الرَّاوِي لَا تخْتَص بالصحابي عِنْد الْحَنَفِيَّة فَقَط بل وَلَا بِصُورَة التَّخْصِيص بل الرَّاوِي مُطلقًا من الصَّحَابِيّ وَمن بعده إِذا خَالف الْخَبَر بتخصيص أَو غَيره حَتَّى لَو تَركه بِالْكُلِّيَّةِ كَانَ مذْهبه عِنْدهم مقدما على الْخَبَر كَمَا سَيَأْتِي وَلذَلِك لم يُقيد فَخر الدّين كَلَامه الْمُتَقَدّم فِي الْمَحْصُول بالصحابي بل الرَّاوِي مُطلقًا لكنه قيد الْمُخَالفَة بِحَالَة التَّخْصِيص وَلَا تتقيد بذلك عِنْدهم كَمَا بَينا
وَإِذا تقرر تَخْصِيص الصَّحَابِيّ الحَدِيث بتخريج على القَوْل بِأَن مذهبَة حجَّة لم يحْتَج إِلَى نصب اسْتِدْلَال فِيهَا من الطَّرفَيْنِ لظُهُور الْمدْرك
وَأما تَفْصِيل الشَّيْخ أبي إِسْحَاق رَحمَه الله الْمُتَقَدّم وَأَن قَول الصَّحَابِيّ إِذا انْتَشَر وَسكت الْجَمِيع عَنهُ يكون مُخَصّصا فَهُوَ قوي بِنَاء على مَا تقدم أَن ذَلِك يكون إِجْمَاعًا أَو حجَّة
وَهَذِه الصُّورَة وَارِدَة على قَول من أطلق الْكَلَام فِي هَذِه الْمَسْأَلَة
وَسَيَأْتِي تَتِمَّة الْكَلَام فِي مثل ذَلِك إِذا كَانَ قَول الصَّحَابِيّ الْمُنْتَشِر على مُخَالفَة الْخَبَر بِالْكُلِّيَّةِ وان ذَلِك هَل يتَضَمَّن نَاسِخا أم لَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَأما تَقْيِيد الصَّحَابِيّ الْخَبَر الْمُطلق فَهُوَ كتخصيصه الْعَام من غير فرق وَذَلِكَ ظَاهر
وَأما تَخْرِيج الشَّيْخ أبي إِسْحَق القَوْل بِكَوْنِهِ تَخْصِيصًا على الْقَدِيم فَذَلِك لما هُوَ مُسْتَقر عِنْدهم أَن مَذْهَب الشَّافِعِي الْجَدِيد أَن قَول الصَّحَابِيّ لَيْسَ بِحجَّة