للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الْمُجْتَهدين حَتَّى ينظر فَإِن انقدح لَهُ وَجه يُوجب تعْيين غير ذَلِك الِاحْتِمَال وَجب ابتاعه وَإِلَّا فتعيين الرَّاوِي صَالح للترجيح فَيجب اتِّبَاعه

قلت وَهَذَا الِاحْتِمَال ضَعِيف لِأَن ظَاهر الْحَال أَن تعْيين الصَّحَابِيّ الْمشَاهد للْحَال إِنَّمَا يكون عَن قرينَة حَالية اَوْ مقالية شَاهدهَا فَلَا يعدل عَن هَذَا الظَّاهِر إِلَّا عِنْد قيام مَا يرجح عَلَيْهِ لَا لمُجَرّد كَونه مُجْتَهدا وَالله أعلم

الْقسم الثَّالِث أَن يكون الْخَبَر ظَاهرا فِي شَيْء فيحمله الصَّحَابِيّ على غير ظَاهره إِمَّا بِصَرْف اللَّفْظ عَن حَقِيقَته إِلَى مجازه أَو بِغَيْر ذَلِك من وُجُوه التَّأْوِيل

فَالَّذِي ذهب إِلَيْهِ أَكثر الْعلمَاء أَن يعْمل بِظَاهِر الحَدِيث وَلَا يخرج عَنهُ لمُجَرّد عمل الصَّحَابِيّ أَو قَوْله

وَذهب أَكثر الْحَنَفِيَّة إِلَى اتِّبَاع قَول الرَّاوِي فِي ذَلِك لما سَيَأْتِي ذكره

وَقَالَ بعض الْمَالِكِيَّة إِن كَانَ ذَلِك مِمَّا لَا يُمكن أَن يدْرك إِلَّا بشواهد الْأَحْوَال والقرائن الْمُقْتَضِيَة لذَلِك وَلَيْسَ للإجتهاد مساغ فِي ذَلِك اتبع قَوْله وَإِن كَانَ صرفه عَن ظَاهره يُمكن أَن يكونى بِضَرْب من الِاجْتِهَاد تعْيين الرُّجُوع إِلَى ظَاهر الْخَبَر لاحْتِمَال أَن لَا يكون اجْتِهَاده مطابقا لما فِي نفس الْأَمر فَلَا يتْرك الظَّاهِر للمحتمل حَكَاهُ عَنْهُم القَاضِي عبد الْوَهَّاب فِي مخلصه

وَقَالَ القَاضِي عبد الْجَبَّار وَأَبُو الْحُسَيْن الْبَصْرِيّ من الْمُعْتَزلَة إِن علم أَنه لم يكن لمَذْهَب الرَّاوِي وتأويله وَجه سوى علمه بِقصد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لذَلِك التَّأْوِيل وَجب الْمصير إِلَيْهِ وَإِن لم يعلم ذَلِك بل جَوَاز أَن يكون قد صَار إِلَيْهِ لدَلِيل ظهر لَهُ من نَص أَو قِيَاس وَجب النّظر فِي ذَلِك الدَّلِيل فَإِن كَانَ مقتضيا لما ذهب إِلَيْهِ وَجب الْمصير إِلَيْهِ وَإِلَّا عمل بالْخبر وَلم يكن لمُخَالفَة الصَّحَابِيّ أثر وَهَذَا قوي أَيْضا

<<  <   >  >>