الْبَحْث الثَّانِي فِي الْمنْهِي عَنهُ لوصفه وَقد تقدم أَن قاعدتهم فِيهِ فَسَاد ذَلِك الْوَصْف دون الْمنْهِي عَنهُ وَأَن الشَّافِعِي وَمن وَافقه من الْجُمْهُور قَالُوا تَحْرِيم الشَّيْء لوصفه مضاد لوُجُوب أَصله فَيَقْتَضِي الْفساد ظَاهرا كالمنهي عَنهُ لعَينه
وَحَقِيقَة هَذَا الْخلاف ترجع إِلَى أَن الشَّارِع إِذا أَمر بِشَيْء مُطلقًا ثمَّ نهى عَنهُ فِي بعض أَحْوَاله فَهَل يَقْتَضِي ذَلِك النَّهْي إِلْحَاق شَرط بالمأمور بِهِ حَتَّى يُقَال أَنه لَا يَصح بِدُونِ ذَلِك الشَّرْط وَيصير الْفِعْل الْوَاقِع بِدُونِهِ كَالْعدمِ كَمَا فِي الْفِعْل الَّذِي اخْتَلَّ مِنْهُ شَرطه الثَّابِت شرطيته بِدَلِيل آخر أم لَا يكون كَذَلِك
ومثاله الْأَمر بِالصَّوْمِ وَالنَّهْي عَن إِيقَاعه يَوْم النَّحْر وَالْأَمر بِالطّوافِ وَالنَّهْي عَنهُ مَعَ الْحَدث فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا لما حَاضَت افعلي الْمَنَاسِك كلهَا غير أَن لَا تطوفي فِي الْبَيْت وَأمر بِالصَّلَاةِ ثمَّ نهى عَن إيقاعها فِي الْأَوْقَات الْخَمْسَة وَشرع البيع مُطلقًا ثمَّ نهى عَن الرِّبَوِيّ مُتَفَاضلا إِلَى غير ذَلِك من الصُّور فالشافعي وَالْجُمْهُور قَالُوا إِن النَّهْي على هَذَا الْوَجْه يَقْتَضِي الْفساد وإلحاق شَرط بالمأمور لَا تثبت صِحَّته بِدُونِهِ
وَذَهَبت الْحَنَفِيَّة إِلَى تَخْصِيص الْفساد بِالْوَصْفِ الْمنْهِي عَنهُ دون الأَصْل المتصف بِهِ حَتَّى لَو أَتَى بِهِ الْمُكَلف على الْوَجْه الْمنْهِي عَنهُ يكون صَحِيحا بِحَسب الأَصْل فَاسِدا بِحَسب الْوَصْف إِن كَانَ ذَلِك النَّهْي نهي فَسَاد وَإِلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute