وَنحن قد بَينا أَن طَلَاق الْحَائِض ووطأها من الْمنْهِي عَنهُ لغيره فَلَا يحْتَاج الِاسْتِثْنَاء لدَلِيل إِلَّا ذبح شَاة الْغَيْر
قَالُوا فصوم يَوْم النَّحْر مَنْهِيّ عَنهُ أَيْضا لغيره الْخَارِج عَنهُ وَهُوَ ترك إِجَابَة دَعْوَة الله بِالْأَكْلِ فِي هَذَا الْيَوْم والإعراض عَن الْوَظِيفَة الْمَوْضُوعَة فِي هَذَا الْوَقْت من الله سُبْحَانَهُ لِعِبَادِهِ
قُلْنَا إِن ثَبت أَن هَذَا الْمَعْنى هُوَ الْمُقْتَضِي لتَحْرِيم الصَّوْم فَهُوَ وَارِد عَلَيْكُم لِأَن الصَّوْم نقيض الْأكل الْمَطْلُوب فَكيف يُقَال أجب دَعْوَة الله وكل وَالصَّوْم يَقع مِنْك عبَادَة ولاريب فِي أَن هَذَا متناقض فَإِن قيل فَلم انْعَقَدت الصَّلَاة فِي الْأَوْقَات الْخَمْسَة أما مُطلقًا على قَول أَو ذَات السَّبَب بِاتِّفَاق الْأَصْحَاب
قُلْنَا أما القَوْل بانعقادها فقد تقدم أَن لَهُ أحد مأخذين أما حمل النَّهْي على الْكَرَاهَة والمقتضي للْفَسَاد إِنَّمَا هُوَ نهي التَّحْرِيم وَأما صرف النَّهْي إِلَى أَمر خارجي عَن ذَات الصَّلَاة ووصفها وَذَلِكَ لما فِيهِ من التَّشَبُّه فِي الْأَوْقَات بالكفار وَغير ذَلِك مِمَّا هُوَ مَعْرُوف فِي كتب الْفِقْه
وَأما ذَات السَّبَب فبالدليل الْمُقْتَضِي لاستثنائها عَن بَقِيَّة الصَّلَوَات كَمَا هُوَ مُقَرر فِي مَوْضِعه فَهُوَ كذبح شَاة الْغَيْر وَلَا يخرج بذلك أصل النَّهْي عَن اقْتِضَاء الْفساد كَمَا تقدم
خَاتِمَة من أقوى مَا يتَمَسَّك فِي إبِْطَال قَاعِدَة الْحَنَفِيَّة هَذِه أَن أصلهم المستقر أَن الْمنْهِي عَنهُ قَبِيح شرعا كَمَا أَن الْمَأْمُور بِهِ حسن شرعا وَأَن