وَقَالَ ابْن الصّلاح مَأْخَذ الْوَجْهَيْنِ أَن النَّهْي هَل يعود إِلَى نفس الصَّلَاة أم إِلَى خَارج عَنْهَا قَالَ وَلَا يتَخَرَّج هَذَا على أَن النَّهْي للتَّحْرِيم أَو للتنزيه لِأَن نهي التَّنْزِيه أَيْضا يضاد الصِّحَّة إِذا رَجَعَ إِلَى نفس الصَّلَاة لِأَنَّهَا لَو صحت لكَانَتْ عبَادَة مَأْمُورا بهَا وَالْأَمر وَالنَّهْي الراجعان إِلَى نفس الشَّيْء متناقضان انْتهى كَلَامه
وَهَذَا مَأْخُوذ من كَلَام الإِمَام الْغَزالِيّ فِي الْمُسْتَصْفى فَإِنَّهُ قَالَ كَمَا يتضاد الْحَرَام وَالْوَاجِب فيتضاد الْمَكْرُوه وَالْوَاجِب فَلَا يدْخل مَكْرُوه تَحت الْأَمر حَتَّى يكون شَيْء وَاحِد مَأْمُورا بِهِ مَكْرُوها إِلَّا أَن تَنْصَرِف الْكَرَاهَة عَن ذَات الْمَأْمُور إِلَى غَيره ككراهة الصَّلَاة فِي الْحمام وأعطان الْإِبِل وَذكر بَقِيَّة كَلَام
فتحصلنا على قَوْلَيْنِ فِي أَن نهي التَّنْزِيه إِذا كَانَ لعين الشَّيْء هَل يَقْتَضِي الْفساد أم لَا وَفِي نهي التَّنْزِيه نظر لِأَن التَّنَاقُض إِنَّمَا يَجِيء إِذا كَانَ النَّهْي للتَّحْرِيم وعَلى تَقْدِير اعْتِبَار مَا ذكره الْغَزالِيّ وَابْن الصّلاح فَذَلِك التضاد إِنَّمَا يَجِيء فِيمَا هُوَ وَاجِب خَاصَّة لما بَين الْوُجُوب وَالْكَرَاهَة من التباين
فَأَما الصِّحَّة مَعَ الْإِبَاحَة كَمَا فِي الْعُقُود الْمنْهِي عَنْهَا تَنْزِيها فَلَا تضَاد حِينَئِذٍ وَالْفساد مُخْتَصّ بِمَا كَانَ النَّهْي فِيهِ للتَّحْرِيم وَالله أعلم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute