وَالْجَوَاب عَن الثَّالِث أَن الْقَائِلين بتعميم الْفساد فِي جَمِيع صور النَّهْي سَوَاء كَانَ لعَينه أَو لغيره كأحمد بن حَنْبَل والظاهرية لَا يرد عَلَيْهِم نقض شَيْء مِمَّا ذَكرُوهُ لأَنهم طردوا قَوْلهم فِي ذَلِك كُله وَقد الْتزم هَذِه الطَّرِيق بعض الْأُصُولِيِّينَ فِي تصانيفه وَذكر أَن الْجَواب الصَّحِيح وَلَيْسَ كَذَلِك
وَأجَاب آخَرُونَ عَن ذَلِك بِأَن القَوْل بِالصِّحَّةِ فِي هَذِه الصُّور إِنَّمَا كَانَ لدَلِيل خارجي قَامَ بهَا فَلَا يلْزم من ذَلِك نقض كَمَا فِي تَخْصِيص الْعَام وَالْخُرُوج عَن حَقِيقَة الْأَمر من الْوُجُوب إِلَى النّدب وَحَقِيقَة النَّهْي من التَّحْرِيم إِلَى الْكَرَاهَة لأدلة دلّت على ذَلِك فِي تِلْكَ الْمَوَاضِع الْخَاصَّة وَلم يلْزم بذلك نقض الأَصْل وَلَا إبِْطَال دلَالَته من أَصْلهَا
ثمَّ أَشَارَ بَعضهم إِلَى تِلْكَ الْأَدِلَّة فِي كثير من الصُّور كَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تلقوا الجلب فَمن تلقى شَيْئا من ذَلِك فأشتراه فصاحبه إِذا أَتَى السُّوق بِالْخِيَارِ فإثبات الْخِيَار فِيهِ للْبَائِع دَلِيل على أَن البيع صَحِيح وَلَا شكّ أَن الْمَوَاضِع الَّتِي قيل فِيهَا بِالصِّحَّةِ مَعَ وجود النَّهْي كَثِيرَة جدا فِي الْعِبَادَات والعقود والإيقاعات وَغَيرهَا كَمَا تقدم ذكر كثير مِنْهَا وَسَيَأْتِي وَيحْتَاج سالك هَذِه الطَّرِيق إِلَى دَلِيل يخص كل وَاحِد مِنْهَا وَهُوَ مُتَعَذر قطعا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute