والأخلاق الْجَاهِلِيَّة أباليس المقلدة للأربعة الَّتِي أسلفنا بَيَانهَا فَانْظُر هَل هَذِه الْأَفْعَال الصادرة من مقلدة الْيمن هِيَ أَفعَال من يعْتَرف بِأَن بَاب الِاجْتِهَاد مَفْتُوح إِلَى قيام السَّاعَة وَأَن تَقْلِيد الْمُجْتَهدين لَا يجوز لمن بلغ مرتبَة الِاجْتِهَاد وَأَن رُجُوع الْعَالم إِلَى اجْتِهَاد نَفسه بعد إحرازه الِاجْتِهَاد وَلَو فِي فن وَاحِد وَمَسْأَلَة وَاحِدَة كَمَا صرح لَهُم بذلك المؤلفون لفقه الْأَئِمَّة وحرروه فِي الْكتب الْأُصُولِيَّة والفروعية كلا وَالله بل هُوَ صنع من يعادي كتاب الله وَسنة رَسُوله الطَّالِب لَهما والراغب فيهمَا وَيمْنَع الِاجْتِهَاد وَيُوجب التَّقْلِيد ويحول بَين المتشرعين والشريعة ويحيلها عَلَيْهِم فهما وإدراكا كَمَا صنعه غَيرهم من مقلدة سَائِر الْمذَاهب بل زادوا عَلَيْهِ فِي الغلو والتعصب بِمَا تقدم ذكره
وَمَعَ هَذَا فالأئمة قد صَرَّحُوا فِي كتبهمْ الفروعية والأصولية بتعداد عُلُوم الِاجْتِهَاد وَأَنَّهَا خَمْسَة وَأَنه يَكْفِي الْمُجْتَهد فِي كل فن مُخْتَصر من المختصرات وَهَؤُلَاء المقلدة يعلمُونَ أَن كثيرا من الْعلمَاء الْعَالمين بِالْكتاب وَالسّنة المعاصرين لَهُم يعْرفُونَ من كل فن من الْفُنُون الْخَمْسَة أَضْعَاف الْقدر الْمُعْتَبر ويعرفون علوما غير هَذِه الْعُلُوم وهم وَإِن كَانُوا جُهَّالًا لَا يعْرفُونَ شَيْئا من المعارف