للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

التَّقْدِير بِفعل الْعباد أَن لَا يكون فعل وَاحِد فِي الْحَقِيقَة لَا اثْنَيْنِ أَو يظنّ أَن القَوْل يُوجب الشّركَة فجواب الْحَرْف الأول فِي تَقْسِيم القَوْل لما اخْتلف فِيهِ فعندنا أَن فعل الله تَعَالَى فِي الْحَقِيقَة غير فعل العَبْد وَفعل العَبْد مَفْعُوله لَا فعله وَوُجُود مثله فِي الشَّاهِد غير عسير نَحْو مد اثْنَيْنِ شَيْئا يَنْقَطِع وَإِزَالَة اثْنَيْنِ شَيْئا عَن مَكَان وقبلهما وَاحِد يصير بِهِ شُرَكَاء فِيهَا إِنَّه مفعولهما فِي الْحَقِيقَة وَكَذَلِكَ المزال والمنقطع وَكَذَلِكَ الْحمل فِيهِ جُزْء لَا يتجزى حمله اثْنَان قواهما وَاحِد أَن حَقِيقَة فعلهمَا وَإِن اخْتلف فالمفعول وَاحِد لَهما فَمثله الَّذِي نَحن فِيهِ وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

على أَنه لَا يجوز أَن يملك أحد بقوته آخر على فعله وَلَا خلق فعل نَفسه وَلَا أحد يقدر أَن يفعل فعلا فِي غير حيزه وَغير حَال فِي نَفسه فَمن تَقْدِير فعل الله بالموجود من فعل الْخلق جهل وَشبهه من جِهَة الْقُدْرَة وَقيام الْفِعْل بالخلق جلّ الله عَن ذَلِك وَتَعَالَى

وَالْقَوْل الآخر قَول من يَقُول إِن خلق الشَّيْء هُوَ ذَلِك فقد بَينا اخْتِلَاف الْجِهَات فِي ذَلِك فَجَائِز القَوْل بالخلق من جِهَة هِيَ غير جِهَة القَوْل بالْكفْر على مَا بَينا من الشيئية وَقد زعم الْمُعْتَزلَة فِي حَرَكَة المفلوج أَنَّهَا لله خلقا وَلِلْعَبْدِ حَرَكَة وَهِي شَيْء لنَفسهَا إِذْ الشيئية عِنْدهم فِي الْمَعْدُوم وَهِي دلَالَة حدث الْجِسْم وَفِي الْكفْر حجَّة الله على العَبْد فِي التعذيب وَدلَالَة سفهه فِي التَّحْقِيق على أَنا بَينا أَنه يحِيل من حَيْثُ لَا يكون مثل ذَلِك فِي الْخلق وَقد أوضحنا الْفَصْل بَين الْأَمريْنِ وَأَن من قَاس أحد الْوَجْهَيْنِ بِالْآخرِ فَهُوَ مُغفل على أَن الْمُعْتَزلَة إِذْ لَا يجْعَلُونَ من الله إِلَى الْخلق سوى أَنه أوجدهم بعد أَن لم يَكُونُوا وَلَا ذَلِك معنى فعل الْعباد إِنَّمَا هُوَ معالجات وعناء وَجهد وَالْمَوْجُود فِيمَا نَحن فِيهِ مَعَ الْمَعْنى الَّذِي من الْعباد واقعان جَمِيعًا فَلَا وَجه لإنكاره ثمَّ يُقَال فِيمَا لَا يكون مثله فِي الْعباد مَا يُوجب إحالته أَرَأَيْت لَو عارضك إخوانك فَقَالُوا تجْعَل للَّذي ذكرته أصلا ثمَّ كَون الْجَوَاهِر بالخلق محَال ثَبت قدمهَا بِهِ وَكَون فعل لَا ينفع فَاعله وَلَا يدْفع عَنهُ الضَّرَر لَيْسَ بحكمة فَدلَّ أَن الَّذِي صنع الْعَالم انْتفع بِهِ وَقَالَ

<<  <   >  >>