للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَون شَيْء لَا من شَيْء خَارج عَن إحتمال الْخلق فَمثله أَمر الْوَاحِد الَّذِي بِهِ كَانَ الْعَالم وَإِذا كَانَ دَعْوَى الإحالة توجب قَول الزَّنَادِقَة والدهرية فِي قدم الْعَالم أظهر ذَلِك صدق من قَالَ الإعتزال طرف من الزندقة وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

وَأما الدّلَالَة فقد أوضحنا لمن عقل لَو أنصف مَعَ مَا فِي جملَة مَا أدّى الْمُسلمُونَ أَن الله خَالق وَمَا سواهُ مَخْلُوق وَأَنه قَادر على كل شَيْء وَهُوَ رب كل شَيْء وألهه من غير اضْطِرَاب فِي ذَلِك أَو ميل قلب إِلَى خُصُوص فِي ذَلِك دَلِيل كَاف وَسَنذكر أَيْضا بعض مَا فِي ذَلِك وَأما القَوْل بِإِيجَاب الضَّرُورَة فَإِنَّهُ محَال فَاسد لإنه حسي أَن يعلم كل أَنه مُخْتَار وَلَو جَازَ القَوْل مِمَّا يُعلمهُ كل على جِهَة قلبه لجَاز ذَلِك فِي جَمِيع الْعَالم وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فَإِن قلت إِذْ لم توجب الضَّرُورَة دلّ أَنه لَا تَدْبِير فِيهِ لغيرك قيل قد فَرغْنَا عَن دلَالَة ذَلِك مَعَ مَا يجوز أَن يُقَال هُوَ من طَرِيق الْخلق اضطرار وَلَا صنع للْعَبد من ذَلِك الْوَجْه إِذْ لَا يُسمى بِهِ وَمن طَرِيق الْكسْب اخْتِيَار فعلى ذَلِك تَقْسِيم الْأَمريْنِ وَقد بَينا أَلا ترى أَن قَول الْكفْر كذب وَهُوَ من حَيْثُ الدّلَالَة على سفه الْقَائِل صدق فَمثله يكون اخْتِيَارا من حَيْثُ الْكسْب وَمن حَيْثُ الْخلق لَا وجهة الْخلق لَا تدفع عَنهُ الإختيار بِمَا ثَبت فَسَوَاء لَو كَانَ خلق ذَلِك الْفِعْل أَو خلق السَّمَاء وَالْأَرْض إِذْ لَيْسَ فِي وَاحِد صرف فعل الْخلق عَن الْخلق وَلَا إِزَالَة الإختيار عَنْهُم فَمثله خلق الْأَفْعَال ولاقوة إِلَّا بِاللَّه على أَن تَسْمِيَة الْخلق لَا يُوجب وصف الإضطرار إِذْ الْقُدْرَة للْفِعْل مخلوقة وَهِي سَبَب جعله مُخْتَارًا لَا مُضْطَرّا وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

وَقد قَالَ الكعبي إِن كل مُخْتَار فِي فعله مُضْطَرّا فِي تألمه بِهِ وتأذيه بِهِ فألزمه الْأَمريْنِ فِي الشَّيْء الْوَاحِد وَكَذَلِكَ زعم أَن قد يجوز أَن يعرف الْفِعْل من لَا يعرفهُ كفرا وإيمانا أَو شَيْئا عرضا وحركة وسكونا وَهُوَ ذَلِك بِعَيْنِه وَلم يجز فِي الْجُمْلَة أَن يُقَال الَّذِي يجهله هُوَ الَّذِي يُعلمهُ وَالَّذِي هُوَ مُضْطَرّا فِيهِ

<<  <   >  >>