فقال بعضهم لبعض: تعالوا حتى نقترع، فمن وقعت عليه القرعةُ فألْقُوه في الماء. فاقترعوا، فوقعت القرعةُ على يونس، فأعادوا، فوقعت القرعة عليه، ثم أعادوا، فوقعت القرعة عليه في الثالثة، فلما رأى يونسُ ذلك قال: هو أنا. فخرج، فطرح نفسه، فإذا حوتٌ قد رفع رأسه مِن الماء قدر ثلاثة أذرع، فذهب ليطرح نفسَه، فاستقبله الحوت، فأهوى إليه ليأخذه، فتحوَّل إلى الجانب الآخر، فإذا الحوتُ قد استقبله، فلمّا رأى يونسُ ذلك عرف أنّه أمرٌ مِن الله، فطرح نفسه، فأخذه الحوت قبل أن يَمُرَّ على الماء، فأوحى اللهُ إلى الحوت: ألّا تهضم له عظمًا، ولا تأكل له لحمًا، حتى آمرك بأمري. فدار كذا وكذا حتى ألزقه بالطين، فسمع تسبيحَ الأرض، فذلك حين نادى (١). (١٢/ ٤٦٣)
٦٥٩٢٤ - عن سعيد بن جبير، قال: لَمّا بعث اللهُ يونسَ إلى قومه يدعوهم إلى الله وعبادته، وأن يتركوا ما هم فيه؛ أتاهم فدعاهم، فأبوا عليه، فرجع إلى ربه، فقال: ربِّ، إن قومي قد أبَوا عليَّ وكذَّبوني. فقال: ارجع إليهم، فإن هم آمنوا وصدقوك، وإلّا فأخبِرهم أنّ العذاب مُصَبِّحهم غدوةً. فأتاهم، فدعاهم، فأبوا عليه، قال: فإنّ العذاب مُصَبِّحكم غدوة. ثم تولى عنهم، فقال القوم بعضهم لبعض: واللهِ، ما جرَّبنا عليه مِن كذبٍ منذُ كان فينا، فانظروا صاحبكم؛ فإن بات فيكم الليلة ولم يخرج من قريتكم فاعلموا أنّ ما قال باطل، وإن هو خرج مِن قريتكم ولم يبت فيها فاعلموا أنّ العذاب مصبحكم. حتى إذا كان في جوف الليل أخذ مخلاة، فجعل فيها طعامًا له، ثم خرج، فلمّا رأوه فرَّقوا بين كل والدة وولدها من بهيمة أو إنسان، ثم عجّوا إلى الله مؤمنين به، ومصدقين بيونس - عليه السلام - وبما جاء به، فلمّا رأى الله ذلك منهم بعد ما كان قد غشيهم العذاب، كما يغشى القبر بالثوب، كشفه عنهم، ومكث ينظرُ ما أصابهم مِن العذاب، فلما أصبح رأى القومَ يخرجون لم يصبهم شيءٌ من العذاب، فقال: واللهِ، لا آتيهم وقد جربوا عَلَيَّ كذبة. فخرج، فذهب مغاضبًا لربه، فوجد قومًا يركبون في سفينة، فركب معهم، فلمّا لججت بهم السفينة تكفَّت ووقفت، فقال القوم: إنّ فيكم لَرجلًا عظيم الذنب، فاستهموا؛ لا تغرقوا جميعًا. فاستهم القوم، فسهمهم يونس، فقال القوم: لا نلقي فيه نبيَّ الله، اختلطت سهامُكم، فأعيدوها. فاستهموا، فسهمهم يونس، فقال القوم: لا نلقي فيه نبيَّ الله. فلما رأى يونس ذلك قال للقوم: فألقوني؛ لا تغرقوا جميعًا. فألقوه، فوكّل الله به حوتًا، فالتقمه، لا