وَلم يقل فِيهِ ذِرَاعَيْهِ وصدره بل قَالَ من نور الذراعين والصدر مُطلقًا غير مُضَاف وَإِذا كَانَ كَذَلِك لم يُنكر أَن يكون ذَلِك صَدرا وذراعين لبَعض خلقه أَو أَنَّهُمَا من أَسمَاء بعض مخلوقاته فقد وجد فِي النُّجُوم مَا يُسمى ذراعين وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ بمستنكر أَن يكون هَذَا الإسم اسْما لبَعض مخلوقاته تَعَالَى خلق مِنْهُ الْمَلَائِكَة
وَأما الساعد فَإِنَّهُ يُطلق بِمَعْنى الْقُوَّة وَالتَّدْبِير كَقَوْلِهِم جمعت هَذَا المَال بساعدي يَعْنِي بِرَأْيهِ وتدبيره وَهُوَ المُرَاد فِي الحَدِيث وَالْمعْنَى أَمر الله أنفذ من أَمرك وَقدرته أنفذ من قدرتك وَإِنَّمَا عبر عَنهُ بالساعد للتمثيل لِأَنَّهُ مَحل الْقُوَّة يُوضح ذَلِك قَوْله وموساه أحد من موساك يَعْنِي أَن قطعه فِي مقدوراته أسْرع من قَطعك فَعبر عَن الْقطع بِالْمُوسَى لسرعة قطعه
وَأما الْكَفّ والأنامل وَالصُّورَة فقد روى التِّرْمِذِيّ عَن معَاذ بن جبل قَالَ احْتبسَ عَنَّا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات غَدَاة عَن صَلَاة الصُّبْح حَتَّى كدنا نتراءى عين الشَّمْس فَخرج سَرِيعا فثوب بِالصَّلَاةِ فصلى رَسُول الله فَلَمَّا سلم دَعَا بِصَوْتِهِ فَقَالَ لنا على مَصَافكُمْ كَمَا أَنْتُم ثمَّ أقبل علينا فَقَالَ أما إِنِّي سأحدثكم مَا حَبَسَنِي عَنْكُم لغداة إِنِّي قُمْت من اللَّيْل فَتَوَضَّأت وَصليت مَا قدر لي فنعست فِي صَلَاتي حَتَّى استثقلت فَإِذا أَنا بربي تبَارك وَتَعَالَى فِي أحسن صُورَة فَقَالَ يَا مُحَمَّد قلت لبيْك رَبِّي قَالَ فيمَ يخْتَصم الْمَلأ الْأَعْلَى قلت لَا أَدْرِي قَالَهَا ثَلَاثًا قَالَ فرأيته وضع كَفه بَين كَتِفي فَوجدت برد أنامله بَين ثديي فتجلى لي كل شَيْء وَعرفت فَقَالَ يَا مُحَمَّد قلت