للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مخلوقة (١).

ثالثاً: جاءت النصوص الصحيحة من السنة التي تصف الأوبئة بالرجز ولم تصفها بجند الله، فقد ورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وصف الطاعون بأنه عذاب يبتلي الله به بعضاً من عباده، فعن أسامة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن هذا الوجع أو السقم رجز (٢) عذب به بعض الأمم قبلكم، ثم بقي بعد بالأرض، فيذهب المرة ويأتي الأخرى، فمن سمع به بأرض، فلا يقدمن عليه، ومن وقع بأرض وهو بها فلا يخرجنه الفرار منه (٣)».

ومع ذلك فالميت به المحتسب أجره كالشهيد كما في الحديث عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الطاعون، فأخبرني «أنه عذاب يبعثه الله على من يشاء، وأن الله جعله رحمة للمؤمنين، ليس من أحد يقع الطاعون، فيمكث في بلده صابرا محتسبا، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له، إلا كان له مثل أجر شهيد» (٤).

رابعاً: ورد وصف الملائكة بأنهم جند الله في عدة نصوص من الكتاب والسنة وبينت بأن مهمتهم هي: مساندة ومناصرة المؤمنين المتقين، والانتقام من الظالمين والمفسدين والمعاندين.

ومن ذلك أمداد الله المؤمنين بالملائكة في معركة بدر كما قال تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩)} [الأنفال: ٩]، وقال سبحانه: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢٣) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (١٢٤) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (١٢٥)} [آل عمران: ١٢٣ - ١٢٥].


(١) تفسير القرآن الكريم، (٢/ ٩).
(٢) الرجز: هو العذاب، وهو من الرجس أيضاً، وقيل: العذاب المقلقل؛ لشدته وله قلقلة شديدة متتابعة. ينظر: مجمل اللغة، ابن فارس، (١/ ٤٢٠)، والغريبين في القرآن والحديث، الهروي، (٣/ ٧١٧)، وتاج العروس، (١٥/ ١٤٩).
(٣) رواه مسلم في كتاب السلام، باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها، ح (٢٢١٨)، (٤/ ١٧٣٨).
(٤) رواه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب حديث الغار، ح (٣٤٧٤)، (٤/ ١٧٥).

<<  <   >  >>