للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٥٣ - وَقَالَ إِبْنِ حزم فِي طَائِفَة مستقرها حَيْثُ كَانَت قبل خلق أجسادها أَي عَن يَمِين آدم وشماله قَالَ وَهَذَا مَا دلّ عَلَيْهِ الْكتاب وَالسّنة قَالَ تَعَالَى {وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ} الْآيَة وَقَالَ تَعَالَى {وَلَقَد خَلَقْنَاكُمْ ثمَّ صورناكم} الْآيَة فصح أَن الله تَعَالَى خلق الْأَرْوَاح جملَة وَلذَلِك أخبر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الْأَرْوَاح جنود مجندة فَمَا تعارف مِنْهَا إئتلف وَمَا تناكر مِنْهَا إختلف وَأخذ الله عهدها وشهادتها بالربوبية وَهِي مخلوقة مصورة عَاقِلَة قبل أَن تُؤمر بِالْمَلَائِكَةِ بِالسُّجُود لآدَم وَقبل أَن يدخلهَا فِي الأجساد والأجساد يَوْمئِذٍ تُرَاب وَمَاء ثمَّ أقرها حَيْثُ شَاءَ وَهُوَ البرزخ الَّذِي ترجع إِلَيْهِ عِنْد الْمَوْت ثمَّ لَا يزَال يبْعَث مِنْهَا الْجُمْلَة بعد الْجُمْلَة فينفخها فِي الأجساد المتولدة من الْمَنِيّ

قَالَ فصح أَن الْأَرْوَاح أجسام حاملة لأعراضها من التعارف والتناكر وَأَنَّهَا عارفة مُمَيزَة فيبلوها الله فِي الدُّنْيَا كَمَا يَشَاء ثمَّ يتوفاها فترجع إِلَى البرزخ الَّذِي رَآهَا فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة أسرِي بِهِ إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا أَرْوَاح أهل السَّعَادَة عَن يَمِين آدم وأرواح أهل الشقاوة عَن يسَاره عِنْد مُنْقَطع عناصر المَاء والهواء وَالتُّرَاب وَالنَّار تَحت السَّمَاء

وَلَا يدل ذَلِك على تعادلهم بل هَؤُلَاءِ عَن يَمِينه فِي الْعُلُوّ وَالسعَة وَهَؤُلَاء عَن يسَاره فِي السّفل والسجن وَتجْعَل أَرْوَاح الْأَنْبِيَاء وَالشُّهَدَاء إِلَى الْجنَّة قَالَ وَقد ذكر مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي عَن إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه أَنه ذكر هَذَا الَّذِي قُلْنَا بِعَيْنِه وَقَالَ على هَذَا أجمع أهل الْعلم

٥٤ - قَالَ إِبْنِ حزم وَهُوَ قَول جَمِيع أَئِمَّة الْإِسْلَام وَهُوَ قَول الله تَعَالَى {فأصحاب الميمنة مَا أَصْحَاب الميمنة وَأَصْحَاب المشأمة مَا أَصْحَاب المشأمة وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ المقربون فِي جنَّات النَّعيم} وَقَوله {فَأَما إِن كَانَ}

<<  <   >  >>