١٣ - وَقَالَ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام فِي كل جَسَد روحان أَحدهمَا روح الْيَقَظَة الَّتِي أجْرى الله الْعَادة إِنَّهَا إِذا كَانَت فِي الْجَسَد كَانَ الْإِنْسَان مستيقظا فَإِذا خرجت من الْجَسَد نَام الْإِنْسَان وَرَأَتْ تِلْكَ الرّوح المنامات وَالْأُخْرَى روح الْحَيَاة الَّتِي أجْرى إِلَيْهِ الله الْعَادة أَنَّهَا إِذا كَانَت فِي الْجَسَد كَانَ حَيا فَإِذا فارقته مَاتَ فَإِذا رجعت إِلَيْهِ حييّ وَهَاتَانِ الروحان فِي بَاطِن الْإِنْسَان لَا يعرف مقرهما إِلَّا من أطلعه الله على ذَلِك فهما كجنينين فِي بطن إمرأة وَاحِدَة
وَقَالَ بعض الْمُتَكَلِّمين الَّذِي يظْهر أَن الرّوح بِقرب الْقلب قَالَ إِبْنِ عبد السَّلَام وَلَا يبعد عِنْدِي أَن يكون الرّوح فِي الْقلب قَالَ وَيجوز أَن تكون الْأَرْوَاح كلهَا نورانية لَطِيفَة شفافة وَيجوز أَن يخْتَص ذَلِك بأرواح الْمُؤمنِينَ وَالْمَلَائِكَة دون أَرْوَاح الْكفَّار وَالشَّيَاطِين وَيدل على روح الْحَيَاة قَوْله تَعَالَى {قل يتوفاكم ملك الْمَوْت} الْآيَة وَيدل على وجود روحي الْحَيَاة واليقظة قَوْله تَعَالَى {الله يتوفى الْأَنْفس} الْآيَة تَقْدِيره يتوفى الْأَنْفس الَّتِي لم تمت أجسادها فِي نومها فَيمسك الْأَنْفس الَّتِي قضى عَلَيْهَا الْمَوْت عِنْده وَلَا يرسلها إِلَى أجسادها وَيُرْسل الْأَنْفس الْأُخْرَى وَهِي أنفس الْيَقَظَة إِلَى أجسادها إِلَى إنقضاء أجل مُسَمّى وَهُوَ أجل الْمَوْت فَحِينَئِذٍ تقبض أَرْوَاح الْحَيَاة وأرواح الْيَقَظَة جَمِيعًا من الأجساد وَلَا تَمُوت أَرْوَاح الْحَيَاة بل ترفع إِلَى السَّمَاء حَيَّة فتطرد أَرْوَاح الْكَافرين وَلَا تفتح لَهَا أَبْوَاب السَّمَاء وتفتح أَبْوَاب السَّمَاوَات لأرواح الْمُؤمنِينَ إِلَى أَن تعرض على رب الْعَالمين فيا لَهَا من عرضة مَا أشرفها إنتهى كَلَام الشَّيْخ عز الدّين
قلت وَمَا ذكره من أَن الرّوح فِي الْقلب قد جزم بِهِ الْغَزالِيّ فِي كِتَابه الإنتصار وَقد ظَفرت لَهُ بِحَدِيث أخرجه إِبْنِ عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن الزُّهْرِيّ أَن خُزَيْمَة بن حَكِيم السّلمِيّ ثمَّ النميري قدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم فتح مَكَّة فَقَالَ يَا رَسُول الله أَخْبرنِي عَن ظلمَة اللَّيْل وضوء النَّهَار وحر المَاء فِي الشتَاء وبرده فِي الصَّيف ومخرج السَّحَاب وَعَن قَرَار مَاء الرجل وَمَاء الْمَرْأَة وَعَن مَوضِع النَّفس من الْجَسَد فَذكر الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأما مَوضِع النَّفس فَفِي الْقلب إنقطع الْعرق الحَدِيث بِطُولِهِ وَهَذَا مُرْسل وَله طرق أُخْرَى مُرْسلَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute