للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثاً: ستر العورة:

العورة لغة: مأخوذة من العَوَر، وهو النقص والعيب، وسميت بذلك لقبح ظهورها. وتعرف شرعاً بأنها ما يُطلب سَتْره.

وستر العورة من الواجبات الدينية في الصلاة وخارجها، لحديث بهز بن حكيم بن معاوية عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: (احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك. قال: قلت يا رسول الله إذا كان القوم بعضهم مع بعض؟ قال: إن استطعت أن لا تِريها أحداً فلا ترينّها. قلت: يا رسول الله فإن كان أحدنا خالياً؟ قال: فالله أحق أن يستحيي منه من الناس) (١) .

وحد العورة:

أ - للرجل: هي ما بين السرة والركبة، لحديث أبي أيوب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما فوق الركبتين من العورة، وما أسفل من السرة من العورة) (٢) .

وليست السرة على أرجح القولين من العورة، أما الركبة فمن العورة لما روي عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الركبة من العورة) (٣) . وقيل: وإن كان في الحديث ضعف ولكن الأحوط هو الستر.

ب - المرأة: عورة المرأة جميع بدنها عدا الوجه والكفين، بدليل حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان) (٤) ، وحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) (٥) .

واختلف في ظاهر الكفين: قيل هو عورة، وقيل إنه ليس بعورة في الصلاة، وقيل إنه ليس بعورة مطلقاً وذلك لعموم البلوى.

أما ظاهر القدمين وباطنهما فليسا من العورة على المعتمد، وقيل هما عورة خارج الصلاة. وتمنع الشابة من كشف وجهها في غير الصلاة خوف الفتنة، أما في الصلاة فترفع الغطاء عن وجهها عند السجود.

ولا عورة للصغير دون أربع سنوات، ثم تكون عورته مخففة إلى عشر سنوات.

وعورة الأمة كعورة الرجل مع ظهرها وبطنها.

ويمنع من صحة الصلاة كشفُ ربعِ أيّ عضو من أعضاء الجسم قدر أداء ركن ولو بدون قصد. وإذا تعدد أماكن الكشف يجمع ما تكشف، فتبطل الصلاة إن كان مجموع ما انكشف ربع أصغر عضو انكشف.

ويشترط في الساتر للعورة أن يكون سميكاً مانعاً من وصف لون البشرة دون حجمها، فلو صلى بثوب ضيق يظهر شكل العورة صحت صلاته مع الكراهة.

كما يشترط أن لا تظهر العورة من الجوانب، أما إذا كانت عورته ترى من الأسفل أو من الجيب فلا يضر.

ويستحب أن يصلي الرجل في ثلاثة أثواب من أحسن ثيابه: قميص وإزار وعمامة، ويجب أن يشمل الساتر عامة جسده، روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال: قال عمر رضي الله عنه: (إذا كان لأحدكم ثوبان فليصل فيهما، فإن لم يكن إلا ثوب واحد فليَّتزر به ولا يشتمل اشتمال اليهود) (٦) .

ويكره تحريماً أن يصلي الرجل في ثوب واحد كاشفاً كتفيه، كما يكره أن يصلي في ثوب حرير أو ثوب مغصوب إلا عند الضرورة.

أما المرأة فتصلي في ثلاثة أثواب، لما روي عن عمر رضي الله عنه قال: "تصلي المرأة في ثلاثة أثواب، درع وخمار وإزار" (٧) .

ومن عُدِم ثوباً طاهراً يصلي في الثوب النجس إذا كان ربعه فأكثر طاهراً، أما إذا كان أقل من الربع طاهراً أو كان الثوب كله نجساً يخير بين أب يصلي فيه أو يصلي عرياناً، والأفضل أن يصلي بالثوب النجس.

ومن عدم ما يستر به عورته يصلي ولا يعيد، ويصلي العاري قاعداً مومياً بالركوع والسجود، ماداً رجليه نحو القبلة مبالغة في الستر.


(١) ابن ماجة: ج ١ / كتاب النكاح باب ٢٨/١٩٢٠.
(٢) الدارقطني: ج ١ / ص ٢٣١.
(٣) الدارقطني: ج ١ / ص ٢٣١.
(٤) الترمذي: ج ٣ / كتاب الرضاع باب ١٨/١١٧٣، واستشرف الشيء: أَبْصَره.
(٥) ابن ماجة: ج ١ / كتاب الطهارة باب ١٣٢/٦٥٥.
(٦) أبو داود: ج ١ / كتاب الصلاة باب ٨٢/٦٣٥.
(٧) البيهقي: ج ٢ / ص ٢٣٥.

<<  <   >  >>