للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المذهب الحنفي أحد المذاهب الفقهية الأربعة التي يعود المسلمون إليها لمعرفة أحكام العبادات والمعاملات المختلفة، ولتطبيقها في حياتهم اليومية، بل هو أكثر هذه المذاهب انتشاراً في العالم الإسلامي، حيث استند القضاة إلى أحكامه في قضائهم ردحاً من الزمن إبان الخلافة العباسية، كما كان المذهب الرسمي للدولة العثمانية.

وقد ترك لنا السلف تراثاً غنياً في هذا الموضوع في كتب عديدة، منها ما كتب في حياة إمام المذهب، ومنها ما كتب بعد من قبل مشاهير فقهائه. في هذه المراجع دونت نتائج الجهود الكبرى التي بذلها علماء السلف الذين استقصوا كل صغيرة وكبيرة في ميدان الفقه، ولم يتركوا زيادة لمستزيد، ومدوناتهم هذه، رغم مرور قرون على تأليفها، ما تزال وستبقى مرجع المسلم في معرفة تفاصيل أحكام الشريعة الإسلامية، لكن الخوض فيها، وعلى أهميته، ليس بالأمر اليسير على من يعيش في زمننا، لتفاوت ما بين أبناء العصرين في طريقة العرض وفي الأسلوب. لذا جاء هذا الكتاب جسراً يسهل على القارئ الاتصال مع تلك الكتب، فهو مدخل إليها؛ بالنسبة للباحث المتخصص، كما أنه مرجع عملي كاف لمن ينشد في كتب الفقه الإرشاد في سلوكه اليومي على ضوء قواعد الشريعة الإسلامية. وموضوعاته تقتصر على قسم العبادات في المذهب.

في هذا الكتاب محاولة لتقديم المعلومات بطريقة تنسجم مع روح العصر؛ حيث يعتني الكتاب بالتقسيم والترقيم والعنونة والابتعاد عن الاستطرادات المطولة، كما يعتنون بعزو المعلومات إلى مراجعها بدقة، لتوثيقها ولتسهيل العودة إليها في الأصول لمن أراد. هذا الأسلوب في التأليف يلائم مادة الكتاب؛ حيث تتشعب القضايا ويلزم حفظها بعد فهمها للتطبيق العملي، وقد اعتمدته في كتابي، وأضفت شروحاً في الهوامش حيث اقتضى الأمر. كما حرصت على ذكر الأدلة محققة من الكتاب والسنة بالاعتماد على المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم والمعاجم المفهرسة للحديث وأمهات كتب الحديث. وقد صدرت بمقدمة عن حياة الإمام أبي حنيفة والفقه الحنفي.

مع هذا الجهد المبذول أقر أنه ما كان لعمل بشري أن يبلغ الكمال، وإن طمع المرء لبلوغه، وما عاد مؤلف كتاب إلى ما كتبه مرة إلا وجد فيه ما يمكن إضافته أو حذفه أو تعديله بغية بلوغ العمل مرتبة أفضل. وإني إذ أضع مؤلفي هذا بين يدي القراء لأرجو من الله أن يتقبله مني وأن ينفع به المسلمين، آملة منهم تزويدي بملاحظاتهم حول ما فيه سلبيات لعلي أتدارك ما وقع منها في الطبعات القادمة إن شاء الله.

وفي الختام لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر لكل من ساهم معي بجهد في إنجاز هذا الكتاب، وأتوجه إلى الله بالدعاء أن يثيبه عني وعن المسلمين.

المؤلفة

-٣ ربيع الأول ١٤٠٦ هـ

-١٥ تشرين الثاني ١٩٨٥ م

<<  <   >  >>