إذا تعذر عليه الإيماء مستلقياً: أخرت عنه الصلاة القليلة، وهي خمس صلوات اتفاقاً، فإذا زادت عن ذلك فعلى قولين: الأول: يقضيها إن كان يفهم مضمون الخطاب وإلا تسقط عنه. والثاني: تسقط عنه مطلقاً (وهو قول صاحب الهداية) لأن العاجز عن الإيماء برأسه لا يومئ بعينيه ولا بقلبه ولا بحاجبيه، لأن السجود يتعلق بالرأس لقوله النبي صلى الله عليه وسلم:(يصلي المريض قائماً، فإن لم يستطع فقاعداً فإن لم يستطع فعلى قفاه يومئ إيماء، فإن لم يستطع فالله أحق بقبول العذر منه) . وقد اختلفوا فيما يقصد بقبول العذر منه، فمنهم من فسره بقبول عذر التأخير فقال بلزوم القضاء، ومنهم من فسره بقبول عذر الإسقاط فقال بعدم القضاء وهم الأكثرون.
ويلحق الإغماء الجنون بالمرض، فمن جُنّ أو أغمي عليه مقدار خمس صلوات لا يقضي ما فاته إن خرج وقت السادسة. أما النوم فلا يسقط به شيء، فمن نام عن صلوات يقضيها اتفاقاً.
إسقاط الصلاة والصوم:
-١ - إذا مات المريض العاجز عن الإيماء قبل أن يتمكن من قضاء ما فاته سقطت عنه وليس عليه أو يوصي بفدية عنها. وكذا لو مات من أفطر لسفر أو مرض قبل أن يقيم أو يشفى لعدم إدراكهما عدة من أيام أُخَر.
-٢ - إذا مات من فاتته صلوات بلا عذر أو تركها بعذر وكانت أقل من يوم وليلة ومرَّ من الزمن ما يستطيع القضاء فيه ولم يقض، وكذا من أفطر في رمضان لسفر أو مرض ثم أقام أو شفي ومرَّ من الزمن ما يمكنه القضاء فيه ولم يفعل، فعليه أن يوصي بفدية عن كل فرض حتى الوتر (لأنه فرض عملي) وكذا عن صوم كل يوم أيضاً. وقد ورد النص في الصوم. والصلاة كالصيامِ باستحسان المشايخ لكونها أهم.
أما ماهية الفدية فهي إطعام مسكين نصف صاع من بُرٍّ أو دقيق، أو صاعٍ من تمر أو زبيب أو شعير أو قيمته وهي أفضل. ويجوز إعطاء فدية الصلاة والصيام لواحد من الفقراء جملة، بخلاف كفارة اليمين حيث لا يجوز أن يُدْفَع للواحد أكثر من نصف صاع في اليوم للنص على العدد فيها.
ويخرج الوارث ما أوصى به الميت من ثلث ماله، ولا يُكلَّف بدفع ما زاد عن الثلث، ولو مات ولم يوصِ فتبرع وارثه أو أجنبي جاز، وتسقط عنه الفريضة بفضل الله وعفوه على قول الإمام.
ولا يصح أن يصوم الولي ولا غيره عن الميت كما لا يصح أن يصلي أحد عنه لقول ابن عباس رضي الله عنهما:"لا يصلي أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد ولكن يطعم عنه مكان كل يوم مد من الحنطة"(١) .
أما لو صلى وصام ووهب ثواب صلاته وصيامه لأبيه أو غيره فيصح ولكن لا تسقط الفريضة عن المتوفى.
(١) الجوهر النقي ذيل السنن الكبرى للبيهقي: ج ٤ / ص ٢٥٧.