للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً - تغسيل الميت:

حكم التكفين: فرض كفاية بالنظر لعامة المسلمين.

ما يكفن به الميت:

الكفن على ثلاثة أنواع:

-١ - الكفن الكامل المسنون: قميص من العنق إلى القدمين، وإزار من القرن (١) إلى القدم، ولفافة يكون طولها من الرأس إلى القدم مع زيادة للربط من جنس الكفن؛ ويكون مما يلبسه الرجل يوم الجمعة والعيدين. وذلك لما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا كفن أحدكم أخاه فليحسّن كفنه) (٢) .

ولا يُغالي في تحسين الكفن، لما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تَغَالوا في الكفن، فإنه يُسلب سريعاً) (٣) . ولو أوصى بالغالي يُكفن بالوسط.

وقد كُفن صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سَحُولية، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كفن رسول الله في ثلاثة أثواب بيض سَحُولية من كُرْسُفٍ ليس فيها قميص ولا عمامة) (٤) .

أما المرأة فزاد لها خمار يغطي وجهها ورأسها، وخرقة عرضها ما بين الثدي إلى السرة لربط ثدييها. فيكون كفن المرأة: درعاً وإزاراً وخماراً وخرقة ولفافة. فعن ليلى بيت قائف الثقفية رضي الله عنها قالت: (كنت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاتها. فكان أول ما أعطانا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحِقاء، ثم الدِرع، ثم الخِمار، ثم الملحفة، ثم أدرجت بعد في الثوب. قالت: ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس عند الباب معه كفنها يناولناها ثوباً ثوباً) (٥) .

-٢ - كفن الكفاية: عند قلة المال وكثرة الورثة. وهو إزار ولفافة للرجل، ويزاد خمار للمرأة.

وتكره العمامة على الأصح، لأنها لم تكن في كفن النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عائشة رضي الله عنها المتقدم.

واستحسنها بعضهم، لما روي أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يعمم الميت ويجعل العَذَبَة (٦) على وجهه.

ويفضل في الكفن القطن والبياض، لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (البَسُوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم، وكفِنّوا فيها موتاكم) (٧) .

والجديد والمغسول سواء في الكفن.

-٣ - كفن الضرورة للرجل والمرأة: يُكتفى فيه بكل ما يوجد. لما روي أن حمزة رضي الله عنه كفن في ثوب واحد، ومصعب بن عمير رضي الله عنه لم يوجد ما يكفن فيه إلا نَمِرة، فعن خباب بن الأرت رضي الله عنه في حديثه عن مصعب رضي الله عنه قال: (فلم يوجد له شيء يكفن فيه إلا نمرة، فكنا إذا وضعناها على رأسه خرجت رجلاه، وإذا وضعناها على رجليه خرج رأسه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضعوها مما يلي رأسه واجعلوا على رجليه الإذخر) (٨) . وهذا دليل على أن ستر العورة وحدها لا يكفي (٩) .

وأما الصغير فيكفن بثوب واحد، والصغيرة بثوبين. والسَّقْط يُلفّ ولا يكفن ولا يكفن كالعضو من الميت.


(١) القَرن: الذؤابة، وخَصّ بعضهم به ذؤابة المرأة وضفيرتها والجمع قرون. وقَرن الرجل: حدّ رأسه.
(٢) مسلم: ج ٢ / كتاب الجنائز باب ١٥/٤٩.
(٣) البيهقي: ج ٢ / ص ٤٠٣. ومعنى لا تغالوا في الكفن: أي تتغالوا فيه بأن تكون قيمته رفيعة، أو بالإكثار من أنواع الثياب، أو بكثرة اللفائف، فإنه يسرع إليها البِلَى والفساد فيكون إضاعة مالٍ وهي حرام.
(٤) مسلم: ج ٢ / كتاب الجنائز باب ١٣/٤٥، وسحولية: منسوبة إلى سحول مدينة باليمن تحمل منها هذه الثياب.
(٥) أبو داود: ج ٣ / كتاب الجنائز باب ٣٦/٣١٥٧.
(٦) العَذَبَة: عذبة كل شيء: طرفه.
(٧) أبو داود: ج ٤ / كتاب الطب باب ١٤/٣٨٧٨.
(٨) مسلم: ج ٢ / كتاب الجنائز باب ١٣/٤٤.
(٩) خلافاً للشافعي رضي الله عنه.

<<  <   >  >>