للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سنن الطواف:

-١ - أن يستقبل البيت أول طوافه، فيقف مستقبلاً الحجر الأسود، بأن يجعل منكبه الأيمن عند طرف الحجر الذي إلى جهة الركن اليماني، وينوي الطواف، ثم يمر مستقبلاً ومحاذياً ببدنه الحجر الأسود إلى أن يصير طرف الحجر الذي إلى جهة باب الكعبة محاذياً منكبه الأيسر، ثم ينتقل جاعلاً البيت عن يساره متوجهاً إلى جهة الباب.

-٢ - أن يسلم الحجر بيده في ابتداء الطواف، فيضع كفّيه على الحجر الأسود ويسجد عليه ويقبله لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبله وسجد عليه ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هكذا ففعلت" (١) ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "قَبَّل عمر بن الخطاب الحجر ثم قال: أما والله لقد علمت أنك حجر، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك" (٢) . ويستحب أن يكرر ثلاثاً، وأن يستلم في ابتداء كل شوط وفي ختم الطواف وقبل ركعتي الطواف، لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله لا يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر في كل طوفة. قال: وكان عبد الله بن عمر يفعله) (٣) .

فإن عجز عن الاستلام والتقبيل أشار بيده، لما روي عن أبي الطفيل رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت، ويستلم الركن بمحجن معه ويقبل المحجن) (٤) .

وكذا يسن استلام الركن اليماني بلا تقبيل عند الإمام محمد.

ولا يسن للنساء استلام ولا تقبيل إلا عند خُلوِّ المطاف.

ويسن أن يقول عند الاستلام: "اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم "، لما روي عن علي رضي الله عنه أن كان يقول إذا استلم الحجر: "اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم " (٥) .

-٣ - أن يقول قبالة الكعبة: "اللهم إن البيت بيتك، والحرم حرمك، والأمن أمنك، وهذا مقام العائذ بك من النار. مشيراً إلى مقام إبراهيم عليه السلام".

وعند الركن اليماني يقول: "اللهم اجعله حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وعملاً مقبولاً وتجارة لن تبور، يا عزيز، يا غفور".

ويقول بين الركنين: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" (٦) .

وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول: احفظوا هذا الحديث وكان يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكان يدعو بين الركنين: (رب قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه، واخلف عليّ كل غائبة لي بخير) (٧) .

ويقول أثناء الطواف: "اللهم إني أعوذ بك من الشِّرك والشك والنفاق والشِّقاق وسوء الأخلاق وسوء المنقلب في الأهل والمال والولد".

وتحت الميزاب: "اللهم أظلَّني تحت ظل عرشك يوم لا ظلّ إلا ظِلك".

ويسن الإكثار من الدعاء ورفع الأيدي في جميع الطواف، ومأثور الدعاء أفضل.

-٤ - يسن الرَّمَل (٨) للرجل في الطوفات الثلاث الأولى إذا أعقب الطواف سعي. ويسن المشي على الهينة في الأربع الأخيرة، وأن يقول أثناء الرمل: "اللهم اجعله حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وعملاً مقبولاً وتجارة لن تبور، يا عزيز، يا غفور". وذلك لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة وقد وهنتهم حمى يثرب. قال المشركون: إنه يقْدم عليكم غداً قوم وهنتهم الحمى ولَقُوا منها شدة، فجلسوا مما يلي الحِجْر، وأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرملوا ثلاثة أشواط ويمشوا ما بين الركنين ليرى المشركون جَلَدَهم فقال المشركون: هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم؟ هؤلاء أجلد من كذا وكذا) (٩) .

-٥ - يسن الاضطباع للرجل والصبي، في طواف يسن فيه الرمل، وذلك بأن يجعل وسط ردائه تحت منكبه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر. ولا يسن الاضطباع في ركعتي الطواف. ودليل ذلك ما روى؟ يعلى؟ رضي الله عنه قال: (طاف النبي صلى الله عليه وسلم مضطبعاً ببرد أخضر) (١٠) .

أما المرأة فلا ترمل ولا تضطبع.

-٦ - الموالاة بين أشواط الطواف، فلا يقطع الطواف إلا لضرورة، فإن عرضت له حاجة ضرورية قطع الطواف فإذا عاد بنى على ما مضى، لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يطوف بالبيت فلما أقيمت الصلاة صلى مع الإمام ثم بنى على طوافه، وكذا إذا أحدث في الطواف أو حضرت جنازة صلى جنازة صلى عليها ثم يبني على طوافه.

-٧ - يسن الاقتراب من البيت للرجل لأنه أيسر في الاستلام والتقبيل، إلا أن يؤدي إلى الأذى فالبعد أولى.

-٨ - تُسن الموالاة بين الطواف وصلاة الركعتين، ويكره تأخيرها عنه إلا في حالة الوقت المكروه.

-٩ - يسن عدم الكلام إلا في خير كتعليم جاهل أو غير ذلك، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من طاف بالبيت سبعاً، ولا يتكلم إلا بسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، محيت عنه عشر سيئات وكتبت له عشر حسنات، ورفع له بها عشرة درجات) (١١) .

ويكره في الطواف الأكل والشرب ووضع اليد على فيه بلا حاجة، وأن يشبك بين أصابعه، وليكن طوافه بحضور قلب ولزوم أدب.


(١) البيهقي: ج ٥ / ص ٧٤.
(٢) مسلم: ج ٢ / كتاب الحج باب ٤١/٢٤٨.
(٣) أبو داود: ج ٢ / كتاب المناسك باب ٤٨/١٨٧٦.
(٤) مسلم: ج ٢ / كتاب الحج باب ٤٢/٢٥٧. والمحجن: القضيب.
(٥) البيهقي: ج ٥ / ص ٧٩.
(٦) أبو داود: ج ٢ / كتاب المناسك باب ٥٢/١٨٩٢.
(٧) المستدرك: ج ١ / ص ٤٥٥.
(٨) الرمل: هو المشي بسرعة مع تقارب الخُطَا وهزّ الكتفين.
(٩) مسلم: ج ٢ / كتاب الحج باب ٣٩/٢٤٠.
(١٠) أبو داود: ج ٢ / كتاب المناسك باب ٥٠/١٨٨٣.
(١١) ابن ماجة: ج ٢ / كتاب المناسك باب ٣٢/٢٩٥٧.

<<  <   >  >>