للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هل يسقط الفرض بالنيابة:

قسم العلماء العبادات من هذه الناحية إلى أنواع:

-١ - العبادات المالية المحضة، كالزكاة وصدقة الفطر والعشر والنفقات: قالوا تصح فيها النيابة مطلقاً، لأن المقصود منها إيصال المال إلى الفقراء؛ وهو حاصل بفعل الإنابة وينوي المستنيب عند الدفع إلى النائب.

-٢ - العبادات البدنية المحضة: لا تصح فيها النيابة مطلقاً لأن المقصود منها الابتلاء والمشقة وإتعاب النفس بأفعال مخصوصة؛ وهذه لا تتحقق بفعل النائب كالصلاة والصوم.

-٣ - العبادات المالية والبدنية معاً كالحج والقياس أن لا تجزئ فيها النيابة، لكنه تعالى رخص في إسقاط فرض الحج عن المكلف بالنيابة عند العجز المستمر إلى الموت أو بعد الموت بأن أوصى أو تبرع عنه وارثه رحمة منه وفضلاً، بأن يتكلف المكلف المال ويقوم بالحج نائبه؛ فتقع الحجة فرضاً للمنيب ونفلاً للمأمور.

والدليل على ذلك ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة من جهينة، جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي نذرت أن تحج، فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: (نعم. حجي عنها. أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء) (١) .

وروى ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً قال: جاءت امرأة من خثعم عام حجة الوداع، قالت: (يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج، أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يستوي على الراحلة، فهل يقضي عنه أن أحج عنه؟ قال: نعم) (٢) .


(١) البخاري: ج ٢ / كتاب الإحصار باب ٣٣/١٧٥٤.
(٢) البخاري: ج ٢ / كتاب الإحصار باب ٣٤/١٧٥٥.

<<  <   >  >>