للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسقوطاً هَذَا لَا يَظُنّهُ إِلَّا كَافِر وَلَا يحققه إِلَّا مُشْركًا فَمَا قَالَ فَقَط رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأهل قَرْيَة أَو حلَّة أَو حَيّ وَلَا لراع وَلَا لراعية وَلَا للزنج وَلَا للنِّسَاء لَا أقبل إسلامكم حَتَّى أعلم الْمُسْتَدلّ من غَيره فَإِذا لم يقبل عَلَيْهِ السَّلَام ذَلِك فَالْقَوْل بِهِ واعتقاده افك وضلال وَكَذَلِكَ أجمع جَمِيع الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم على الدُّعَاء على الْإِسْلَام وقبوله من كل وَاحِد دون ذكر اسْتِدْلَال ثمَّ هَكَذَا جيلاً فجيلاً حَتَّى حدث من لَا قدر لَهُ فَإِن قَالُوا قد قَالَ الله عز وَجل {قل هاتوا برهانكم إِن كُنْتُم صَادِقين} قُلْنَا نعم وَهَذَا حق وَإِنَّمَا قَالَه الله عز وَجل لن خَالف الْحق الَّذِي أَمر عز وَجل الْجِنّ والأنس باتباعه وَهَكَذَا القَوْل إِن كل من قَالَ قولا خَالف فِيهِ مَا أَمر الله عز وَجل باتباعه فَسَوَاء اسْتدلَّ بِزَعْمِهِ وَلم يسْتَدلّ هَذَا مُبْطل غير مَعْذُور إِلَّا من عذره الله عز وَجل فبمَا عذره فِيهِ كالمجتهدين من الْمُسلمين يخطأ قَاصِدا إِلَى الْحق فَقَط مَا لم يقم عَلَيْهِ الْحجَّة فيعاند وَأما من اتبع الْحق فَمَا كلفه الله عز وَجل قطّ برهاناً والبرهان قد ثَبت بِصِحَّة كل مَا أَمر الله تَعَالَى بِهِ فَسَوَاء علمه فتبع الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعِلْمِهِ حَسبه أَنه عَالم بِالْحَقِّ مُعْتَقد لَهُ موقن بِهِ وَإِن جهل برهانه الَّذِي قد علمه غَيره وَهَذَا خلق الله عز وَجل الْإِيمَان وَالْعلم فِي نَفسه كَمَا خلقه فِي نفس الْمُسْتَدلّ وَلَا فرق قَالَ تَعَالَى {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح وَرَأَيْت النَّاس يدْخلُونَ فِي دين الله أَفْوَاجًا} فسماهم داخلين فِي دينه وَإِن كَانُوا أَفْوَاجًا وَمَا شَرط الله عز وَجل قطّ أَولا رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يكون ذَلِك باستدلال بل هَذَا شَرط من شَرط ذَلِك مِمَّن قذفه إِبْلِيس فِي قلبه وعَلى لِسَانه ليخرجه إِلَى تَكْفِير الْأمة وَلَا عجب أعجب من اطباق هَذِه الطَّائِفَة الضَّالة المخذولة على أَنه لَا يَصح لأحد إِيمَان حَتَّى يسْتَدلّ على ذَلِك وَلَا يَصح لأحد اسْتِدْلَال حَتَّى يكون شاكا فِي نبوة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غير مُصدق بهَا فَإِذا كَانَ ذَلِك صَحَّ لَهُ الِاسْتِدْلَال وَإِلَّا فَلَيْسَ مُؤمنا فَهَل سمع بأحمق أَو أَدخل فِي الْحمق وَالْكفْر من قَول من قَالَ لَا يُؤمن أحد حَتَّى يكفر بِاللَّه تَعَالَى وبالرسول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن من آمن بهما وَلم يكفر بهما قطّ فَهُوَ كَافِر مُشْرك نبرأ إِلَى الله تَعَالَى من كل من قَالَ بِهَذَا

قَالَ أَبُو مُحَمَّد فهذان طَرِيقَانِ لَا ثَالِث لَهما كل طَرِيق مِنْهَا تَنْقَسِم قسمَيْنِ أَحدهمَا من اتبع الَّذِي أمره الله تَعَالَى عز وَجل باتباعه وَهُوَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهَذَا مُؤمن عَالم حَقًا سَوَاء اسْتدلَّ أَو لم يسْتَدلّ لِأَنَّهُ فعل مَا أمره الله تَعَالَى بِهِ ثمَّ يَنْقَسِم هَؤُلَاءِ قسمَيْنِ أَحدهمَا من لم يتبع قطّ غَيره عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَوَافَقَ الْحق بِتَوْفِيق الله عز وَجل فَهَذَا فِي كل عقد اعْتقد أَجْرَانِ وَأما أَن يكون حرم موافقه الْحق وَهُوَ مُرِيد فِي أمره ذَلِك اتِّبَاع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهَذَا مَعْذُور مأجور آجرا وَاحِدًا مَا لم تقم عَلَيْهِ الْحجَّة فيعاندها وَهَذَا نَص قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْحَاكِم الْمُجْتَهد الْمُصِيب والمخطئ وَالطَّرِيق الثَّانِيَة من اتبع غير الَّذِي أمره الله باتباعه فَهَذَا سَوَاء اسْتدلَّ أَو لم يسْتَدلّ هُوَ مُخطئ ظَالِم عَاص لله تَعَالَى وَكَافِر على حسب مَا جَاءَت بِهِ الدّيانَة فِي أمره ثمَّ يَنْقَسِم هَؤُلَاءِ قسمَيْنِ أَحدهمَا أصَاب مَا جَاءَ بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ غير قَاصد إِلَى اتِّبَاعه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِيهِ وَالْآخر لم يصبهُ فكلاهما لَا خير فِيهِ وَكِلَاهُمَا آثم غير مأجور وَكِلَاهُمَا عَاص لله عز وَجل أَو كَافِر على حسب مَا جَاءَت بِهِ الدّيانَة من أمره لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا تَعَديا حُدُود الله عز وَجل فِيمَا أَمرهم بِهِ من ابْتَاعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ تَعَالَى {وَمن يَتَعَدَّ حُدُود الله فقد ظلم نَفسه} وَلَا ينْتَفع بإصابته الْحق إِذْ لم يصبهُ من الطَّرِيق الَّتِي لم يَجْعَل الله طلب الْحق وَأَخذه إِلَّا من قبلهَا وَقد علمنَا أَن الْيَهُود وَالنَّصَارَى يوافقون الْحق فِي كثير كإقرارهم بنبوة مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وكتوحيد بَعضهم لله تَعَالَى فَمَا انتفعوا بذلك إِذْ لم يعتقدوا اتبَاعا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>