ومستنيرًا في ذات الوقت؟ والاستنارة تعني ضمن ما تعني المستقبلية وهو ما يبدو نقيضًا للسلفية بل وإياها على طرفي نقيض" (ص ٢٨٥) ولإزالة هذه الشبهة أخذ الدكتور عمارة يقارن بين سلفية جمال الدين الأفغاني وسلفية محمد بن عبد الوهاب أو الوهابية كالآتي:
"كانت السلفية عند الوهابية كما كانت عند تراثها في فكر أحمد بن حنبل وابن تيمية الوقوف عند ظواهر النصوص الدينية، وجعل المعاني المستفادة من هذه الظواهر المرجع في كل من أمور الدين وأمور الدنيا .. فهي قد وقفت عند مفهوم الإسلام كدين كما كان حال هذا المفهوم في عصر البداوة والبساطة للأمة العربية، وقبل التطورات العلمية والإضافات العقلية التي استدعتها صراعات الأمة الفكرية مع الملل والنحل غير الإسلامية بعد عصر الفتوحات ومن ثم فإن السلفية بهذا المعنى تسقط من تراثها العلوم العقلية والتصوف الفلسفي وتعتبر كل ذلك (بدعًا) طرأت على الإسلام كما فهمه السلف الصالح.
أما السلفية لدى التيار الذي تزعمه الأفغاني ومحمد عبده فإنها ليست كذلك تمامًا؛ لأنها تأخذ عقائد الدين وأصوله على النحو النقي المبرأ من الخرافات والإضافات وهي هنا سلفية تتفق مع الوهابية وخاصة في إزالة شبهات الشرك والوثنية والتوسل والوسائط عن عقيدة التوحيد لكنها لا تقتصر في فهمها للإسلام كحضارة وتراث على فهم السلف الصالح له لأن الإسلام كحضارة وعلومه العقلية والفلسفية ومذهبه في التصوف الفلسفي كل ذلك قد حدث بعد عصر السلف، وقد حدث لأن ضرورات موضوعية اقتضته ومن ثم فإن هذا التيار لا يسقط هذا التراث من تراث الإسلام ولا يعتبره بدعًا سيئة لأنه يحدد إطار البدع السيئة بما يجعلها خاصة بأصول الدين وعقائده الجوهرية. ففيها لا ابتداع ولا تطوير مهما اختلف الزمان والمكان. أما في الإسلام كحضارة وعلوم فإن التطور دائم والإضافات مستمرة ومن ثم فإن