وَعُمُوم آيَة الْمِيرَاث قد خص مِنْهُ هَذَا وَأَنه لَا يَرث الْكَافِر وَلَا الْقَاتِل عمدا وَلَا العَبْد وَغير ذَلِك
ثمَّ إِن أَبَا بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا قد أعطيا عليا وبنيه رَضِي الله عَنْهُم من المَال أَضْعَاف مَا خَلفه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَمَا خَلفه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد سلمه عمر إِلَى عَليّ وَالْعَبَّاس رَضِي الله عَنْهُم يليانه ويفعلان فِيهِ مَا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَفْعَله
وَهَذَا مِمَّا يَنْفِي التُّهْمَة عَن أبي بكر وَعمر
ثمَّ لَو قدر أَن أَبَا بكر وَعمر متغلبان موثبان على الْأَمر لكَانَتْ الْعَادة تقضي بِأَن لَا يزاحما الْوَرَثَة الْمُسْتَحقّين للولاية والتركة فِي ذَلِك المَال بل يعطيانهم ذَلِك وأضعافه ليكفوا عَن الْمُنَازعَة فِي الْولَايَة
ثمَّ قَوْله تَعَالَى (وَورث سُلَيْمَان دَاوُد) لَا يدل إِذْ الْإِرْث اسْم جنس تَحْتَهُ أَنْوَاع وَالدَّال على مَا بِهِ الإشتراك لَا يدل على مَا بِهِ الإمتياز
فَإِذا قيل هُنَا حَيَوَان لم يدل على إِنْسَان أَو فرس فَإِن لفظ الْإِرْث يسْتَعْمل فِي لفظ إِرْث الْعلم وَالْملك وَغير ذَلِك
قَالَ تَعَالَى (ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا) وَقَالَ تَعَالَى (وَتلك الْجنَّة الَّتِي أورثتموها) (وأورثكم أَرضهم) (إِن الأَرْض لله يُورثهَا من يَشَاء) (وأورثنا الْقَوْم الَّذين كَانُوا يستضعفون)
وَأخرج أَبُو دَاوُد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْأَنْبِيَاء لم يورثوا دِينَارا وَلَا ودرهما وَإِنَّمَا ورثوا الْعلم
ثمَّ يُقَال بل المُرَاد إِرْث الْعلم والنبوة لَا المَال
إِذْ مَعْلُوم أَنه كَانَ لداود أَوْلَاد كَثِيرَة غير سُلَيْمَان فَلَا يخْتَص سُلَيْمَان بِمَالِه وَلَيْسَ فِي كَونه ورث مَاله صفة مدح لَهما فَإِن الْبر والفاجر يَرث أَبَاهُ وَالْآيَة سيقت فِي بَيَان مدح سُلَيْمَان وَمَا خص بِهِ وإرث المَال من الْأُمُور العادية الْمُشْتَركَة بَين النَّاس
وَمثل ذَلِك لَا يقص علينا لعدم فَائِدَته
وَكَذَلِكَ قَوْله