قلت جعلت فدَاك يَا رَسُول الله قل لي كَيفَ الْإِيمَان بِالْقدرِ قَالَ تؤمن بِاللَّه وَحده وَإنَّهُ لَا يملك أحدا مَعَه ضرا وَلَا نفعا وتؤمن بِالْجنَّةِ وَالنَّار وَتعلم أَن الله خلقهما قبل خلق الْخلق ثمَّ خلق الْخلق فَجعل من شَاءَ مِنْهُم إِلَى الْجنَّة وَمن شَاءَ مِنْهُم إِلَى النَّار عدلا ذَلِك مِنْهُ وكل يعْمل لما قد فرغ لَهُ مِنْهُ وَهُوَ صائر إِلَى مَا قد خلق لَهُ قلت صدق الله وَرَسُوله
وَعَن ابْن عَبَّاس إِن الله عز وَجل أول مَا خلق الْقَلَم ثمَّ خلق النُّون وَهِي الدواة ثمَّ خلق اللَّوْح ثمَّ قَالَ للقلم اكْتُبْ فَقَالَ وَمَا اكْتُبْ يَا رب قَالَ اكْتُبْ الْقدر وَخلق الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَمَا يكون فِي الدُّنْيَا من خلق مَخْلُوق أَو عمل مَعْمُول من بر أَو فجور أَو رزق حَلَال أَو حرَام أَو رطب أَو يَابِس ثمَّ ألزم كل شَيْء من ذَلِك شَأْنه وَمَا بَقَاؤُهُ وَمَا فناؤه حَتَّى تفنى الدُّنْيَا ثمَّ جعل لذَلِك الْكتاب مَلَائِكَة وَجعل لِلْخلقِ مَلَائِكَة فَينْطَلق مَلَائِكَة الْخلق إِلَى مَلَائِكَة الْكتاب فَيَقُولُونَ اللَّهُمَّ انسخ بِمَا هُوَ كَائِن فِي اللَّيْل وَالنَّهَار وَبِمَا وكلوا بِهِ فيهبط مَلَائِكَة الْخلق إِلَى الْخلق فيحفظونهم بِأَمْر الله ويسوقونهم إِلَى مَا فِي أَيْديهم من تِلْكَ النّسخ فَإِذا فنيت تِلْكَ النّسخ لم يكن لهَذَا الْخلق بَقَاء وَلَا مقَام وَذَلِكَ قَول الله عز وَجل إِنَّا كلنا نَسْتَنْسِخ مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ فَقَالَ رجل لِابْنِ عَبَّاس وَالله مَا كُنَّا نرى ذَلِك إِلَّا نسخ أَعمالنَا قَالَ ابْن عَبَّاس أَلا تستحيون ألستم قوما عربا هَل كَانَت النّسخ قطّ إِلَّا من كتاب مَكْتُوب فوَاللَّه إِن الله عز وَجل ليَبْعَث الْملك فَيدْفَع إِلَيْهِ صحيفتان إِن إِحْدَاهمَا لمختومة وَالْأُخْرَى المنشورة فَيُقَال لَهُ اكْتُبْ فِي هَذِه وَلَا تفتح المختومة وَلَا تكسر لَهَا